التميمية المراقب العام
رقـم العضويــة: 715
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: محفر تمر سكري
المشـــاركـات: 40,561
|
أعميتها .. يا مكحّل العين ! مقال يرد على راشد الفوزان
أعميتها .. يا مكحّل العين !
كنت أظن أن خلف موضوع المحلل الاقتصادي الذي خدمته وخدمت أمثاله ظروف النمو المتسارع في مجال الاقتصاد , وخصوصا مجال الأسهم , الأستاذ راشد الفوزان , الذي نشره في جريدة الرياض يوم الأربعاء الماضي تحت عنوان إنعاشي لوكلاء السيارات هو (لن تصدي) .. كنت أظن خلفه طرحا تحليليا منطقيا مقنعا من خبير بشؤون الاقتصاد .. ففوجئت بأنه ليس كذلك إذ لا جديد فيه. وحاولت أن أجد له مبررا فلم أجد سوى مسألتين , الأولى: أن الكاتب أُعجب بكلمة (عاطفية) فبنى عليها المقال , وأخذ يتلفت حوله ليرى نظرات الإعجاب بقدرته الإنشائية . والثانية: مخالفة التيار, وهذه تُحقق له حسب ظني هدفين , أحدهما تلميع الذات في وسائل الإعلام ولو بمثل هذه السذاجة , والثاني استغلال الأوضاع النفسية السيئة لوكلاء السيارات التي دمرّتها قوة الحملة وزعزعتها , فتقرب إليهم بهذا المقال تقربا لا أجد له وصفا سوى أنه تسوّل فج مكشوف .. والدليل على هذا الزعم أنه لم يستطع إخفاء تلميحاته لشركة عبداللطيف جميل , خصوصا أن مالكها الشيخ محمد عبداللطيف جميل جأر بالشكوى لوزير التجارة الأسبوع الماضي في خطاب تناقلته المنتديات ووسائل الإعلام الحرة عندنا . وكان ذلك الخطاب قد أثار امتعاض الكل من استعداء السلطة على إرادة الشعب الذي يدافع عن حقوقه بمحاربة الجشع , لكن مقالة الفوزان المتسلقة هذه أثارت امتعاضا أشد من ذلك الامتعاض , فمُصدر الخطاب طرف في القضية ولذلك فهو معذور بالدفاع عما يراه حقوقا مسلوبة , أما دفاع الفوزان السطحي الساذج عن مصاصي الدماء من وكلاء السيارات , فتدخل سافر ومحاولة فاشلة, فقد أراد ان يكسر طوق الحصار بكلمات استهلاكية تافهة جوفاء لا تصدر من عاقل ناهيك عن محلل اقتصادي ! لكنه زاده قوة وتماسكا, وصار الناس في كل مكان يتندرون عليه وعلى مقاله , ويتوسعون في التفسيرات المبررة طبعا للأهداف التي من أجلها أنشأ المقال.
أظن أن وكلاء السيارات قد فطنوا الآن إلى أن مقال الفوزان هذا قد أصابهم في مقتل , وقديما قالت العرب (عداوة عاقل خير من صداقة أحمق) , فالفوزان أراد أن يكحلها فأعماها !
يقول الفوزان (إن حملة الاستهداف " العاطفية " الآن للمطالبة بمقاطعة السيارات أو " تأخير " قرار الشراء لن يغير من الواقع شيئا , وإن تغير فهو مؤقت جدا) ..
فهو يجزم ـ كما ترون ـ بأن مقاطعة السيارات أو تأخير الشراء لن يغير من الواقع شيئا , وإن تغير فهو مؤقت جدا !
وقوله (لن يغيّر) تهوّر في الفكر وفي التعبير أيضا , فـ (لن) ـ وهذا كلام ربما لا يعرفه ـ تفيد النفي المؤبد , وهو نفي للمستقبل الذي لا يعرف ـ ولن يعرف ـ عنه راشد الفوزان شيئا ولو اعتمد على تنبؤات ميشيل حايك, فهو غيب والغيب لا يعلمه إلا الله.
ثم تأملوا عبارة (إن تغير فهو مؤقت جدا) وما معنى مؤقت جدا يا شيخ راشد ؟ لم يُفسّر طبعا .. وهذا هو التدليس بعينه, وهذا هو الاعتراف الصريح بنجاح الحملة أيضا. فهو إن كان يظن أن هدف الحملة هي المقاطعة الدائمة فهو أحمق .. لأن الحملة تهدف إلى إجبار الوكلاء على التخلي عن شفط الجيوب باستغلال الأزمة الاقتصادية العالمية لصالحها على حساب المستهلكين الذين دفعوا الضريبة في غلاء الأسعار الذي تجاوز الضعف في بعض السلع , ولم يزد دخل الموظف الحكومي منهم سوى خمسة في المئة, ولا تهدف إلى مقاطعة دائمة.
ويقول الفوزان أيضا (هؤلاء تجار وأقصد به وكلاء السيارات وقطاع تنافسي حاد جدا سواء في السلعة أو الخدمة ويدركون مخاطر تجارتهم , والتاجر منهم لن يتنازل عن حصتة السوقية لمجرد أنه رفع السعر بلا مبرر , فهو يعرف أن السوق مفتوحة حتى للمستعمل وليست سوقا احتكارية) .. وعلى الرغم من ركاكة الأسلوب وتفكك الجمل هنا فإني أقول أما أن الوكلاء تجار فصحيح, وأما أنهم يعرفون أن السوق مفتوحة وليست احتكارية , فغير صحيح, والوكلاء وإن كانوا قطاعا تنافسيا كما يزعم الكاتب إلا أن لهم رابطة تجمعهم وتفرض عليهم قرارا موحدا يُرضي الوكيل الجشع المتنفذ, ويُضرّ بالوكيل الصغير الذي يريد أن يسوّق سياراته بأسعار معقولة , وبالمستهلك المغلوب على أمره, الذي لا يستطيع أن يشتري سياراة جديدة من غير الوكيل , وهذه هي الاحتكارية التي نفاها الكاتب .. وهذا القرار هو قرار التحدي بعدم تخفيض الأسعار وتحشيد الإعلام لدعمه ومن هذا التحشيد هذا المقال المشبوه . وإذا كانت الشركات الأم قد خفّضت الأسعار بنسب 50% كما ورد في التقارير المتلاحقة , فإن الوكيل الجشع عندنا رفعها بنسبة تتراوح بين 10 ـ 13% ليُحقق مكاسب بقوة السلاح. وأكبر دليل على جشع التجار هو تمسكهم بقرارهم مما يدل على أن سياراتهم وإن (صدّت وأحْلت) في مستودعاتهم لن تؤثر على أرصدتهم شيئا , لأنهم سيأكلون من مكاسب تلك السنين السمان , وسيحاولون فرض ما يريدون بالقوة , ولو كانت تلك الشركات مساهمة, لسايرت موجة التخفيضات العالمية, ولم تَتَحدّ المستهلكين, خوفا من مصيبة أكبر.
ثم يقول (وهي في النهاية شركات سعودية في ملكيتها ,فقد يبيع السيارة بسعر التكلفة أو قريبا منها وسيعوض ذلك من الصيانة وقطع الغيار) .. وهذه إما حماقة أو تدليس من الكاتب, لأنه يريد أن يقنعنا بأن الشركات ستبيع بسعر التكلفة أوقريبا منها ! إن سعر التكلفة في منظور تجارنا الجشعين يعني المكسب 100% والخسارة عندهم ما نقص عن هذه النسبة من الأرباح!
ثم يقول عن الشركات العائلية التي تحتكر قطاع السيارات (فخسارتها أو تراجعها سيخدم من ؟) وهذا نوع من التضليل أيضا مبني على فرض .. أثبت يا راشد الفوزان أن تخفيض الأسعار سيعني الخسارة , ثم اطرح هذا السؤال فيما بعد .
ثم يقول بعبارة تدريسية (ويجب أن يدرك المستهلك أن أسعار السيارات هي " الأرخص " عالميا بدون عاطفة أقول ذلك أو محاباة لأي وكيل سيارات في المملكة فهي بدون ضرائب نهائيا من تاريخ شرائك حتى بيعك وأسعار " بنزين " أقل من سعر الماء في دولة تئن من أزمة المياه) ..
ولست أدري أهذا بيان من مجلس وكلاء السيارات, أم مقال لكاتب يُفترض فيه أن يكون محايدا ! أثبت يا راشد أن أسعار السيارات عندنا هي الأرخص عالميا .. هذا غير صحيح , فدولة مثل إندونيسيا تبيع سيارات التويوتا بأسعار تقل بكثير عن أسعارها عندنا على الرغم من أنها تخضع لجمارك عالية لا تقارن بالجمارك عندنا. يقول أحد الأصدقاء إنه أراد أن يشتري سيارة (نسيت اسمها) فوجدها عند عبداللطيف جميل بقيمة 58 ألف ريال تقريبا,ووجدها في إندونيسيا بما يعادل سبعة وثلاثين ألف ريال !
أما حكاية الضرائب التي أراد الكاتب أن يخدعنا بها فهي حجة عليه لا له .. فالوكلاء عندنا هم الذين لا يدفعون ضرائب, والفوزان يريد أن يمتنّ على المواطن المسكين بعبارة (احمد ربك إنك ما تدفع ضرايب على سيارتك اللي تنقل به عيالك) .. وكأن تاجر السيارات هو الذي منحه هذه الهبة ! ثم ما علاقة الضرائب هنا ؟ وما علاقة البنزين بجشع التجار ؟ والله لا أجد في هذا الكلام إلا حماقة في الدفاع من محامٍ ليس كفئا للمحاماة.
ويقول (إن قرار الشراء سيخضع لظروف اقتصادية عديدة لديك , وله الحق بالانتظار شهر وشهرين وسيجد أسعارا يفرضها سوق العرض والطلب والاقتصاد لا رسالة " بريد ووصاية " لا تغنى أو تعني شيئا نهائيا) .. يقول هذا الكلام وهو محلل اقتصادي ! إن التأجيل شهرا أو شهرين سيزلزل تجارة الجشعين أيها المحلل , أليس كذلك ؟ وسيخضع السوق للعرض والطلب أيضا .. أما أن رسالة حملة (خلوها تصدي) لا تغني أو تعني شيئا , ففي خيالك المستأجر؛ وهو خيال كاذب, وفي أحلام وكلاء السيارات الجشعين؛ وهي أحلام يقظة .
ويقول الكاتب المحنّك (المقاطعة هنا انتقائية وعاطفية جدا ككل مقاطعة تتم , فلم أجد أحدا طالب بمقاطعة الدانمرك التي تنتج أدوية " السكر " و " الضغط " وغيرها . أو يقاطع السلع الأمريكية لسبب أن سجاني غوانتنامو الأمريكي أهانوا القرآن الكريم ونشروا الصور وقتها من خلال جنود أمريكيين فهل هناك من طالب بمقاطعة الولايات المتحدة ومنتجاتها التي تعني نظام ويندوز وطائرات بوينغ وكل منتجات جنرال الكترك التي تصنع الأجهزة الطبية للمستشفيات ومولدات الكهرباء) .. والسذاجة في هذه المقارنة أصابتني بالغثيان فعلا ! فهذا التسطيح في ضرب الأمثلة يدل على ضحالة في التفكير, وسوء أسلوب في التعبير .. وباختصار شديد أقول له : لو أن شركة من هذه الشركات التي عدّدتها هنا اعتدت علينا اقتصاديا أو فكريا لقاطعناها ! ولكنها لم تفعل لسبب بسيط, هو أنها شركات يقوم عليها عقلاء , وليسوا مصاصي دماء كوكلاء السيارات في بلادنا الذي انبريت ـ مبادرة أو تكليفا! ـ للدفاع عنهم هنا .. فأخفقت بامتياز!
ويقول (هناك من يريد فرض الوصاية عليك في قرارك وينزع عنك حتى عقلك لمجرد أن تتبع رسالته بالبريد الالكتروني أو الجوال لكي يفرض سطوته عليك وقرارك الشخصي وتصبح فقط متلقياً ومنفذاً) .. ومعنى هذا دع ما يأتيك بالبريد أو برسالة جوال, واتبع كلامي هنا فهو الكلام الصحيح من خبير ومحلل للأسهم تتلقفه الفضائيات! إن هذا البيان الذي لم يبق عليه سوى التوقيع من مجلس وكلاء السيارات, ينبئ عن استخفاف بالناس, حيث يتهمهم الكاتب بأنهم أغبياء, ينقادون ـ عاطفيا ـ كالبهائم من غيرما تفكير أو تحكيم للعقل والمنطق لما تمليه عليهم تلك الرسائل!
ويقول الكاتب النحرير خاتما مقالته المهترئة (نحتاج إلى تحكيم العقل والتوزان والبعد عن العاطفة التي أرهقتنا كثيرا وتصور البعض أنه يقود المجتمع , والدليل أنه لم تنجح أي حملة مقاطعة ولن تنجح بكل موضوعية وبدون أي عواطف أو محاباة لأي جهة كانت) وهكذا هو في كل أفكار المقالة, يبني الفكرة إما على مقدمة مغالطة, أو مقدمة لا تناسب النتيجة .. فيصل إلى حكم قاطع ! فمن قال لك ياابن فوزان إن مؤيدي حملة (خلوها تصدّي) لا يحكّمون العقل؟ ومن قال لك إنه لم تنجح أي حملة مقاطعة في السابق؟ ألم تكسد السلع الدنمركية على رفوف المحلات والبقالات؟ ألم تسارع الشركات الدنمركية بإصادر البيانات في جميع وسائل الإعلام , تلك البيانات التي تعتذر فيها للمسلمين عما بدر من حمقاهم ! ألم يسارع التجار في بلادنا إلى كتابة إعلانات على مداخل محلاتهم تقول (لا نبيع السلع الدنمركية)! وفي هذه الحملة ألم يتألم وكيل تويوتا عندنا ويرسل خطابا استعدائيا لوزير التجارة, يشكو فيه من ضيم الحملة؟ وهذا ما ظهر في العلن, والخافي أعظم وأطم .. فكيف تقول أيها المفوّه (لم تنجح أي حملة مقاطعة ولن تنجح بكل موضوعية)؟ وأين الموضوعية في هذا الكلام وفي هذا المقال؟
إن هذه المحاولة للتغريد خارج السرب أيها المغامر باءت بالفشل على المستوى الفكري والإقناعي, أما على المستوى الاقتصادي الشخصي فأنت أبخص!
|
|
|