جحر ضب فاخر للإيجار..!!

من أبسط أبجديات الحياة الكريمة أن يجد الإنسان سكناً لعائلته، وذلك أيضاً من أبسط حقوقه الشرعية.

* ماذا نقول حين يصبح هذا الحق هاجساً يؤرق حياة هذا الإنسان؟!
* بماذا نجيبه إن تساءل: أليس من حقي أن أجد ما يؤويني وأولادي؟!
* أليس من حق أبنائي أن يجدوا سكناً مناسباً للعيش؟!
* أليس من حقي..؟ أليس من حقي..؟!

عندما يبحث الإنسان عن سكن مناسب فإنه يحتاج إلى وقت طويل! وجهد كبير؛ كي يحصل على ما يحاول أن يقنع نفسه بأنه سكن مناسب، فلماذا كل هذا!؟!
قد يظن البعض أنني أتحدث عن امتلاك منزل في الرياض.. لا يا أخي؛ فأنا لم أصل بعد إلى مرحلة الهذيان؛ لأنه أصبح من العبث أن تحلم – مجرد حلم – بأن تمتلك ذلك.
لا يا أخي الكريم، لا يذهب فكرك إلى هذا البُعد من الخيال؛ فهذا مُسِح من أدمغتنا..

(إذا غامرت في شرف مروم ** فلا تقنع بما دون النجوم)
بل إنه تحول إلى سكن دون النجوم!!!
إنَّ ما أتحدث عنه هو شقه للإيجار، لاحظ أننا لم نعد نحلم بدور؛ لأن ذلك في عالم الخيال. للأسف الشديد هذا أصبح واقعاً لكثير جداً من الشباب؛ فعندما تحاول البحث عن شقه كي تسكن بها فإنك تعاني الأمرين، وتهدر الكثير والكثير من الوقت والجهد.
وكل ذلك نابع من أننا لا نمتلك نظاماً واضحاً ينظم طريقة الإيجار؛ فلا يوجد تصنيف لهذه الشقق، ولا يوجد سلم للأسعار.. فأين هيئة الإسكان وماذا تفعل؟
ولماذا لا تُصنّف هذه الشقق؟! وتحدّد لها أسعار معقولة!

فكل صاحب عقار يصنف على مزاجه؟! ويضع أسعاراً على هواه!!
والضحية المستأجر المسكين!!
ولولا ذلك لما وصلت أسعار بعض الشقق إلى مبالغ خيالية!!
فتخيل أن شقة في حي لا تتوافر فيه أبسط الخدمات تتجاوز أسعارها العشرين، إنها فوق السطوح ولا يوجد بالقرب منها ولا حتى بقالة!!

إن الحديث عن عالم الإيجار والشقق حديث ليس ذا شجون فحسب، وإنما حديث دامٍ؛ فالأسعار مرتفعة جداً ومبالغ فيها؛ فهي لا تناسب أبداً تصميم هذه الشقق أو مساحتها أو أماكنها.. فمنذ متى وصلت الشقة في أحياء شرق الرياض إلى خمسة وعشرين ألفاً وسبعة وعشرين ألفاً؟
الأسعار بحاجة إلى وقفة صادقة من الجهة ذات العلاقة، والمشكلة أننا لا نعرف هذه الجهة؛ فمن المسؤول عن تصنيف هذه الشقق إلى فئات ومن ثم تحديد أسعارها؟ هل هي وزارة التجارة ؟! أم هيئة الإسكان؟! ليس المهم لدينا ما هي الجهة!

ولكن المهم أن نجد من يرحمنا من هذا الجشع ومن هذا التلاعب بالأسعار، وأن نجد من يراقب الإعلانات عن هذه الشقق؛ حيث إنَّ الكثير منها لا يطابق الواقع فيعلن عن "شقق فاخرة للإيجار" وهي في الحقيقة عبارة عن جحر ضب قُسّم إلى ممرات، وهي ما نحاول عبثاً أن نسميه غرفاً!!

فكيف نطلق على غرفة اسم غرفة نوم وهي لا تتسع لسرير النوم؟! كيف؟!

لا أعلم إلى أين نسير؟! وما مصيرنا وسط الغلاء الفاحش؟! ووسط هذا "التعافي والتعامي عن هذه المخالفات؟! ووسط هذا التجاهل لشريحة كبيرة جداً من المجتمع؟!
ولكن هل توجد لدينا دراسات لنِسب المستأجرين؟ وهل توجد لدينا دراسات لوضع حلول ناجحة نابعة من الواقع مراعية لاحتياجات الإنسان؟!
أخشى أن يمر علينا زمن ننافس فيه الضبان على جحورها!!
ولا أستغرب إنْ رأيت لوحة إعلانية مكتوباً عليها "جحر ضب فاخر.. للإيجار".


ساير بن عوض المنيعي
sayer888@hotmail.com

http://www.sabq.org/sabq/user/articles.do?id=352

حتى لو رأوك هوامير العقار تسكن جحر ضب

يحسدون عليك