«المامير» مشغولون
الخميس, 26 أغسطس 2010
عبدالعزيز السويد
أتحفني صديقي بمقطع مصور، ذكر أنه لمكاتب استعلامات المطار بجدة تظهر فيه أربعة هواتف، وقد رفعت سماعاتها في حين لا يوجد أي موظف، ولا أستغرب حدوث ذلك، القاعدة «أن جميع المامير مشغولون بخدمة متصل آخر»، في الطرف الثاني من الخط الهاتفي ربما هناك العشرات من المجتهدين في الاتصال للسؤال عن معلومة تهمهم، توصلهم إليها قد يخفف ازدحاماً في الطرق أو يخفف عناء ومشقة، يستمر هؤلاء في الاتصال وربما الدعاء لاولئك الموظفين المساكين المشغولين... عنهم! ويذكرني هذا بأحوالنا نحن الكتاب نكتب ونكتب على أمل وجود صدى حقيقي أو أثر عملي لما يطرح، لا رد باتصال غرضه تسديد قيد الوارد، ونظن مثلما يتوقع المتصلون أعلاه الانشغال - عنا - بخدمة «كاتب» آخر.
ولاحظت ان نسبة متزايدة من القراء أصبحت توثق ما تكتب في ما ترسل بصور حية طازجة من انتاجهم، هذا فيه تطور للرقابة العفوية أو الميدانية إن شئت، مثله مثل التوثيق بالمستندات في قضايا مختلفة، وأقترح على هواة تصوير التقصير والمخالفات أن يضعوا في الاعتبار توضيح كل التفاصيل، مثلاً لابد أن يتضح للمشاهد ما يدل دلالة قطعية على أن هذه الصورة في ذلك الموقع وتاريخها، هذا من الفوائد الإيجابية لكاميرا الهاتف الجوال.
أكثر ما وصلني كان عن استراحات الطرق وأوضاعها المزرية، نشرت عن ذلك في حينه ولا شك أن «المامير» المسؤولين عن الاستراحات مشغولون بخدمة «مستريح» آخر، ومن اجتهادات القراء صور ترصد مواقع سيارات ساهر، وسيارات خدمات رسمية أخرى، وطرق مسدودة وغيرها، وأجزم أن معظم الكتاب الذين أمضوا فترة لا بأس بها في الاهتمام بالشأن العام تنتابهم بين حين وآخر، قضية الجدوى من الكتابة، ارتفع زخم النشر الصحافي، واتسعت المساحة في مقابل تناقص الاهتمام بما ينشر، وكأن سماعات الهواتف مرفوعة «على جنب» ولا أحد على المكاتب، على رغم صدور أوامر صريحة للجهات المعنية بالتجاوب والرد، تتحاشى بعض الجهات الرد كتابة باسمها على ما ينشر،
ولا شك أن هذا مخالف للأوامر، ويزيد الطين بلة عندما تصدر تعليمات من وزارة الإعلام بعدم نقد الجهة الفلانية أو النشر في تلك القضية العلانية، لكنها - للأسف - لا تطالب تلك الجهات بتنفيذ أوامر عليا، ولو أنه تمّ تسديد القيد برد واف على ما أشغل الرأي العام والصحافة لكان أفضل للصالح العام إما «تعليق» أمور وقضايا فهو مثل تعليق سماعات الهواتف في المشهد الطريف، المشكلة الأعمق في إجراءات مثل تلك أنها ببساطة متناهية... تدفن الأمل.
اللهم اجعل أحرفي خفيفة على حبيبنا وصديقنا الذي لم نسمع منه الأ كل خير، وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة وعلى زملائه الأحباء في الوزارة.
www.asuwayed.com
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/175903