أضعف الإيمان - الغذاء والدواء
الثلاثاء, 15 يونيو 2010
داود الشريان
نشرت «الحياة» في طبعتها السعودية الخبر الآتي: حذرت «الهيئة العامة للغذاء والدواء» من قهوة سريعة التحضير مغشوشة بمواد محظورة لإنقاص الوزن. وأوضحت الهيئة أن مفتشيها اكتشفوا قهوة، اتضح بعد تحليلها أنها مغشوشة بإضافة مادة «السيبوترامين» التي كانت مرخصة سابقاً لإنقاص الوزن، ولكن ألغي تسجيلها، وحظر بيعها بعدما أثبتت الدراسات خطرها على الصحة. وأوصت الهيئة بسحب المنتج من الأسواق ومنع بيعه، وأشارت الى اسمه، والشركة المصنعة في بيانها.
لاحظ كلمة اكتشفوا في الخبر، معنى هذا أن هناك جهة سمحت بدخول القهوة من وراء ظهر الهيئة. ثم لاحظ أن بيان الهيئة أفاد بأن المادة المغشوشة ألغي تسجيلها، فمن الذي ألغى، ومن الذي سمح؟ لا أحد يعرف على وجه الدقة ما هو دور الهيئة السعودية العامة للغذاء والدواء، وهل هي التي تضع المواصفات، أم تراقبها، وهل لديها سلطة منع دخول المنتجات المغشوشة الى البلد، أم إنها جهة إعلامية دورها التحذير والتشهير، ثم النوم بعد ذلك والشخير. كذلك، لا أحد يعرف حدود علاقة هذه الهيئة بـ «هيئة المواصفات والمقاييس». وكلما أصدرت هذه الهيئة بياناً، وهي تفعل هذا في شكل شبه يومي، يسأل الناس أنفسهم، هل هذه الهيئة مسؤولة عن سلامة مواصفات الدواء والغذاء، فلماذا تكتفي بالتحذير، ولماذا لا تمنع دخول المنتج؟ وإذا كانت غير مسؤولة عن المواصفات، فلماذا وُجدت أصلاً؟ لماذا لم يتم الاكتفاء بـ «هيئة المواصفات والمقاييس»، أم إن دورها هو مراقبة «هيئة المواصفات والمقاييس»، والتشهير بها، تمهيداً للانقضاض عليها واحتلالها؟
وأوضح أن زيداً لا يعرف عمرو. وسلوم الأقرع لا يعرف أخاه. لا أحد يدري ماذا يفعل الآخر، وكل ما نعرفه أن هذه الهيئة نشأت فجأة، وعرفها الناس من خلال بياناتها التي تحذر فيها من المواد المغشوشة، ومن الانسياق وراء الادعاءات المضلّلة حول فعالية بعض أنواع الأدوية والأغذية، كأن هناك جهات رسمية تسمح بالتضليل، وتسكت عنه، وأخرى تقاوم الغش والتضليل.
والمصيبة ليست في الدور الملتبس لـ «الهيئة العامة للغذاء والدواء»، بل بالأساليب البيروقراطية التي تدار بها هذه المؤسسة، وهي أصبحت تسير على نهج «هيئة المواصفات والمقاييس»، استبدلت العمل المخبري والفني، بالبيروقراطية، والبيانات، وكثرة التصريحات التي تضج غيرةً على صحة المواطنين وسلامتهم. والمثل الشعبي يقول: «يا ليتنا من عرسنا سالمين».
http://international.daralhayat.com/...article/152667