وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله أخي الفاضل...وواضح أنك صاحب شخصية مسالمة جداً وطيب جداً جداً...
لا حرمك الكريم أجر طيبك وصبرك....وجزاك الله كل الخير على كل حرف كتبته ...
ولكن...
أود أن أنقل _ بعد إذنك _ هذا الحديث الشريف للفائدة...والمنقول من أحد المواقع..
ولاحرمك الله أجر القاريء الكريم...
المؤمن القوى .. خير وأحب الى الله
بقلم الدكتور : عكرمة صبرى
مفتى القدس
عن الصحابى الجليل أبىهريرة رضىالله عنه أن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال:
"المؤمن القوى خيروأحب الى الله من المؤمن الضعيف، وفى كل خير،احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز،وان أصابك شئ فلا تقل: لو أنى فعلت كذا كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ، فان لو تفتح عمل الشيطان " أخرجه مسلم وابن ماجه وأحمد والبيهقى وغيرهم .
معانى مفردات الحديث الشريف
"القوى": لفظ عام للقوة ، فليس المراد هنا قوة الجسم فحسب ، بل جاء اللفظ
عاما فيشمل القوة بجميع أنواعها ، من قوة الايمان وقوة الارادة والتصميم ،
وقوة العلم والنفس والبدن، "فى كل خير" أى فى كل من المؤمن القوى والمؤمن
الضعيف خير، لذا يعرف التنوين فى لفظ " كل " بتنوين العوض أى أن التنوين جاءتعويضاعن كل محذوف "احرص" بكسر حركة حرف الراء،وهو فعل أمر يفيدالحرص والعنايةبالشئ والاهتمام به .
" لا تعجز " بكسر حركة حرف الجيم على الأرجح ، ويجوز تحريكه بالفتح ، وهو فعل أمر يفيد عدم التفريط والتقصير فى العمل ، أى اعتمد على الله مع اتخاذ
الأسباب .
"لو" حرف يفيد التمنى .. و "تفتح عمل الشيطان" .. أى أن " لو " تجر وساوس
الشيطان وأوهامه التى يلقيها على الانسان فيكون سببا فى خسرانه وهلاكه .
· المعنى العام للحديث الشريف
فى هذا الحديث النبوى الشريف حث على القوة وعلى الأخذ بأسباب العزة والنصر
والكرامة، وأن ديننا الاسلامى العظيم لا يرضى لأتباعه أن يكونوا فى ضعف وهوان
وفى مذلةواستكانة،ومن المعلوم بداهةأن صفةالعزةمن الصفات الملازمةللايمان لقوله عز وجل : " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون "
( المنافقون – 8 ) ، فلا يجتمع ايمان وهوان ، كما لا يجتمع نور وظلام ، ولا
هدى وضلال، وقد ورد لفظ " القوى " فى الحديث الشريف بمدلوله العام الذى لا يقتصرعلى قوة الجسم المادية فحسب،بل يشمل هذا اللفظ القوة بجميع أشكالها من قوةالبدن وقوة الايمان، والأخلاق والنفس والعلم والارادة والتصميم ، وجميع
السبل التى تقوى الانسان جسمياوعقليا وروحيا ، وذلك حتى يبقى المؤمن مهيب الجانب عزيز النفس مصون الكرامة .
· القوة لبناء المجتمع
ولكن هذا لا يعنى أن نوجه القوة ضد بعضنا بعضا،أو أن يهدم بعضنا بعضا فهذا
أمرمرفوض وهومحرم شرعا..وانماالمفروض والواجب أن توجه القوةلبناءالمجتمع وتطوره وتنميته ، وحمايته من الأعداءالذين يحاربون الله ورسوله ويعتدون على
حرمات المسلمين وأوطانهم،والله سبحانه وتعالى يقول: "وأعدوا لهم مااستطعتم
من قوةومن رباط الخيل ترهبون به عدوالله وعدوكم"( الأنفال – 60 ).. والمراد من"ترهبون به"أى تخيفون الأعداءحتى لا يعتدوا عليكم.. فالاسلام يعالج الأخطار قبل وقوعها ، فالرهبةأسلوب وقائى فلا يتجرأ العدو على ديار الاسلام .. وهذا هومفهوم "الارهاب" فىالاسلام .. أما الغرب فانهم يفسرون" الارهاب " بالاعتداء على الآخرين أى أنهم يحاولون معالجة الأخطار بعد وقوعها.
· الخيرية فى القوة والضعف
ويشير الحديث الشريف الى أن " الخيرية " موجودة لدى كل من المؤمن القوى
والمؤمن الضعيف الاأن المؤمن القوى يرجح علىالمؤمن الضعيف..كمايحث الحديث الشريف على الحرص والعناية والاهتمام بكل شئ ينفع الانسان مع الاستعانة بالله العلى القدير،ولا يفرط فى حمل الأمانةولا يقصر فى أدائه للعمل ، اذ لا تعارض بين الأخذ بالأسباب والاعتماد على الله عز وجل ، واذا أصاب الانسان مكروه أو أى
أمرغير محمود وغير مرغوب فيه ، فلا يجوز له أن يتذمر أو يتحسر أو أن يضيع وقته بترديد( لو )فى هذا المجال لأن ذلك يفتح عمل الشيطان مع الاشارة الى أن هذا الأسلوب يقود الى محظورين اثنين هما :
1- الاعتراض على حكم الله وارادته ، بشكل مباشر أو غير مباشر .
2- الاستسلام واليأس والقنوط وعدم الحصول على أية فائدة بقولنا لفظ " لو".
فالواجب على المؤمن أن يؤمن بقضاءالله وقدره ، على اعتبار أنه ركن من أركان
الايمان الستة ، ومن مظاهر هذا الايمان أن يرضى بما قسم الله له وقدر ، وعلى
المؤمن أن يدرك بأن علم الله الأزلى غير مجبر للانسان .. فلا يستطيع الانسان أن
يكشف علم الله الا بعد وقوع الشئ لا قبل وقوعه .
وفىالوقت نفسه ينبغىعلىالانسان أن يجددالنشاط بالعمل الجادوالنافع والمثمر
وأن يعوض على ما فاته ، فلا يجوز له أن يقبع فى بيته وأن يجتر أحزانه وأن
يستسلم للأحداث ويكرر لفظ " لو " فان " لو "لا تسعفه فى أى شئ ولا تساعده فى
الخروج من الأزمة التى هو فيها بل أن "لو" تجر عليه وساوس الشيطان وأوهامه
..ومن هناتبرز ثمرة الايمان والعزيمة الصادقةفى مواجهةالصعاب التىلا يتراجع
أمامها الا مهزوز الايمان ضعيف الشخصية .
· فقه الحديث الشريف
- وجوب تقوية الايمان والعقيدة فى النفوس .
- وجوب الاعتماد على الله عز وجل مع الأخذ بالأسباب .
- عدم الاستسلام لوسوسة الشيطان وأوهامه .
- الرضا بقضاء الله وقدره فهو مظهر من مظاهر الايمان وركن من أركانه الستة
وان علم الله الأزلى غير مجبر للانسان .
اللهم فقهنا فى الدين، وعلمنا التأويل ، وارزقنا اليقين .. والله يقول الحق
وهو يهدى السبيل .
وبارك الله في الجميع...