تواتر (تويتر) يوتر
التواتر في اللغة هو التتابع، وتقول: تواتر المطر، أي تتابع نزوله، وعند المحدثين هو الخبر الذي يرويه عدد كثير يستحيل في العادة تواطؤهم علي الكذب.
وتويتر.. بتسكين الياء، هو موقع شهير على الإنترنت يسمح لمستخدميه بإرسال تحديثات أو تغريدات عن حالتهم أو أي خبر يريدون بثه بما لا يتجاوز 140 حرفاً للرسالة الواحدة، وهو الموقع الذي يقال: إن بسببه حدث توتر كبير في المنطقة العربية مؤخراً، وليت شعري ماذا عساه أن يفعل لو سمح بحروف أكثر للتغريدة الواحدة؟
وموقع تويتر هو عصفورة الإنترنت، كما هو واضح من اسمه الإنجليزي وشعاره، فهو ينقل إليك الأخبار العاجلة القصيرة وبسرعة فائقة لن تنتظر (ويكيليكس) ليخبرك بها، بل أصبح مفعوله مثل (كلينيكس) المنظف الأقوى لأنوف أزكمتها وطنية بعض الزعماء.
عندما تسجل في موقع تويتر، فأنت لست بتابع ولا متبوع، فإن أردت تتبع أحداً لتصلك أخباره، فابحث عنه بالاسم واتبعه بالضغط على زر Follow لتصلك تغريداته أولاً بأول، وإن كنت لا تعرف أحداً وتحب أن تستفيد من خبرات أقوام في تصريف راتبك لتعيش بكرامة أنت وأطفالك الخمسة، فاكتب (فنون الاقتصاد) لتظهر لك عشرات الأسماء التي تقدم لك النصائح والأخبار المفيدة ثم اتبعم، والأهم خذ بنصائحهم واتق "ساهر" آناء الليل وأطراف النهار، وإن كنت ذا باع في أي علم فابدأ مغرداً بالكتابة عن هذا العلم، ثم اكتب وبعدها اكتب، حتى يذيع صيتك، وتبدأ الناس باتباعك وقراءة ما تكتب لأنه سوف يصل إليهم، حتى تصبح صاحب تأثير لا يستهان به في مجالك ومصدراً موثوقاً في كل خبر تقوله، وهكذا أنت وصاحبك، تصبحان مصدر الأخبار الموثوقة لدى الناس، حتى يقول المراسلون التقليديون: أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه جرائدنا وقنواتنا وتكون لكما الكلمة في النت !
وإن لم تكن تابعاً ولا متبوعاً في تويتر فهو خير لك واحفظ وقتك، إذ يمكنك بعد الدخول على حسابك أن تكتب في خانة البحث عن أي شي تريد معرفة آخر الأخبار عنه، ولنقل.. سعر السكر، لتأتيك التغريدات والأخبار المتواترة من كل حدب وصوب عن جشع كثير من التجار الذين تتمنى أن يعلقوا من آذانهم في ميدان الصفاة وهم صاغرون.
أيضاً في تويتر، هناك المواضيع الساخنة التي يكاد يصل عدد التحديثات في بعضها إلى مائة تغريدة في الدقيقة الواحدة، وهذه المواضيع الساخنة عادة ما تشتهر بين الناس حسب الأحداث، وهي عبارة عن كلمة إنجليزية مسبوقة بعلامة الهاش #، ويطلق عليها (هاش تاق)، ففي أحداث مصر كان الهاش تاق التالي #25Jan على سبيل المثال من أشهر العناوين التي كتبت حول الثورة في مصر، ولذا أصبح الناس يعتمدون عليها في آخر الأخبار، ولو أردت أن تضيف خبراً له علاقة بمصر آنذاك، فإنك تدرج #25Jan في بداية تغريداتك ليقرأها كل من يبحث ذلك الهاش تاق لتأخذ دورها في العرض وفقاً لتسلسلها الزمني وهو وقت إرسالك لها، كما يمكنك أن تنشئ بنفسك هاش تاق خاص بك وربما يكون مشتهراً.
عندما تشاهد صفحة أي مشترك في تويتر، فإنك تشاهد صورته، ومعلومات عنه، ومن هم التابعون له والذين تصلهم أخباره، وعددهم، ومن هم الذين يتبعهم هذا الشخص والذي تصله أخبارهم في تسلسل زمني، وعددهم، والأخبار التي كتبها هذا الشخص منذ بداية اشتراكه مع تويتر، وعددها.
عندما تأتيك تغريدة على حسابك، فإنه يكون لديك الخيار لإعادة إرسالها إلى كل التابعين لك، أو الرد على صاحب التغريدة، كما يظهر أسفل التغريد وقت إرسالها وفي أعلاها اسم المرسل، كما يمكنك إضافة هذه التغريدة إلى المفضلة للاطلاع عليها لاحقاً، خاصة أن بعض التغريدات تحوي رابطاً لمقطع يوتيوب أو مقالاً في جريدة أو أي رابط على الإنترنت.
بالإضافة إلى التواتر في تويتر، فإن ما يميز تويتر أيضاً هو التسارع العجيب في انتقال الخبر، فلو كتبت خبراً، ثم قام أتباعك (في تويتر) بإعادة إرساله، ولنقل: اثنان منهم على الأقل، خلال الدقيقة الأولى، وقام كل واحد من هذين الاثنين بإعادة ارسال هذه التغريدة إلى اثنين من أتباعهما في الدقيقة الثانية، وهكذا، فإن هذا يعني أن الخبر قد وصل إلى ثمانية ملايين خلال نصف ساعة، أما أولئك الذين قرأوا الخبر فقط دون أن يعيدوا إرساله فهم أضعاف مضاعفة لهذا العدد !
وثالثاً ما يميز تويتر أنه يمكنك التواصل وكتابة آخر الأخبار التي تشاهدها في الشارع عبر هاتفك المحمول، من خلال برنامج تويتر للهواتف المحمولة، أو من خلال تصفح تويتر عبر هاتفك المحمول، وإن غلبت الروم فلا أقل من رسالة نصية تكتبها في هاتفك وترسلها إلى رقم تويتر الذي توفره معظم شركات الاتصالات في العالم.
وإذا كنت مهتماً باستقراء حالة الشارع، فقط اكتب في خانة البحث ما تريد وستشاهد العجب العجاب، فلقد تواتر في تويتر أمور غريبة و عجيبة.
فقد تواتر في تويتر أنه كلما رأيت زعيماً موغلاً في حبه للوطن، فلا تتعلق وتهيم به إعجاباً حتى يريك رصيد حسابه.
وتواتر في تويتر أن أغنى أغنياء العالم ليس التاجر المكسيسكي كارلوس سليم الحلو ولا المبرمج بيل جيتس صاحب مايكروسوف، بل هو حسني مبارك بسبب وطنيته المخلصة التي امتدت 30 عاماً.
وتواتر في تويتر أنه إذا شعب جدة أراد الحياة.. فلا بد أن يتعلم السباحة.
وتواتر في تويتر أن لوحة مفاتيح كمبيوترك هي خير وسيلة للمطالبة بحقوقك، بل وحتى لوحة مفاتيح هاتفك الأصغر تفعل أفاعيل عجزت عنها قنبلة إرهابي أو إراقة دم بريء أعادنا للوراء سنين مديدة وأعواما عديدة.
وتواتر في تويتر أن اللغة العربية أدرجت تعديلاً على معنى كلمة (الرئيس السابق) حيث ثبت شرعاً أن الرئيس العربي قد يكون سابقاً وهو على قيد الحياة.
وتواتر في تويتر أنك لن تخسر كثيراً إن جربت الموقع، ولم يتواتر أن ثمة علاج لإدمانه، فقد وصفته مجلة النيويورك تايمز بأنه أسرع الظواهر نمواً في عالم الإنترنت.
م. يوسف الحضيف
كاتب ومتخصص في الاتصالات وتقنية المعلومات
http://sabq.org/sabq/user/articles.do?id=467