وزارة الـعـمـل والـغـلاء !
هـنـاك عـنـاصـر عـديـدة تـؤشـر باسـتـمرار الـغـلاء لـسـنوات قـادمــة . بـحـول الـلـه تـعـالى , لا يـنـبـغي أن يـكون الـغـلاء بـحدود ما هـو مـشـاهـد في أسـواقـنـا هـذه الأيـام . ولـكـنّـه لـيـس مـن المـسـتـبـعـد اطلاقـا أن يـكون فـي حـدود سـقـف الـ 5% . الـسـبــب الـرئـيس فـي هـذا هـو أن المـمـلـكة بـحكـم جغرافـيـتـهـا ومـنـاخهـا لا يمكـن أن تـكون مـنــتـجـة لأغـذيــتهـا ، الـى أن تـتـحـقـقّ نبوءة المـصـطفـى صلّـى الله عـليه وسلّم «بـأن جزيرة العرب ستــعود أودية وأنـهـارا كما كـانــت » أو كـمـا قـال عليه الصلاة والسلام.
فـواقـعــنـا الـحـالي اذن يــحتـم عـليـنـا أن نـسـتـورد مـعـظم اغـذيتـنـا مـن الـخـارج . ونـظـرا لـمـيـكـنـة الـقـطـاع الـزراعــي في الـعـالم ، سـنـجـد أنـفـسـنـا نـستـورد مـن الـدول الأكــثـر تـطورا ومـيكـنـة مـثـل الولايات المتـحـدة وكـنـدا واستراليا والأرجـنـتـين . وحتـى بـعـض الـدول التـي كانــت فـي السـابـق عـضوا فـي نـادي الـدول الـنـامـية مـثل الـهنـد والـصـين ، أصـبحــت الـيوم تــتـحـرّك باتـجـاه الـدول الـصنـاعـية ، وتـحذو حـذوهـا اقتـصـاديا .
ومـن المـسلــّمــات الاقتـصـادية أن مـعظـم الدول الـمتـقدمـة تـعـاني مـن آفـة الغـلاء أو التـضـخـم وان بـنـسب متـفـاوتــة . فـعنـدما نـسـتورد طـعامـنا اذا ارتفعت تكلفة
المعيشة ترفع الرواتب
بنفس نسبة هذا الارتفاع
مـن هذه الـدول ، فـنـحـن لا مـحـالة نـسـتورد الـغلاء كـذلك . بـطـبـيـعــة الـحـال ، هـنـاك اجراءات اقتـصـادية يـمـكن تــفـعـيلها لتـخفـيـف حـدة الغلاء المستورد ، مـنهـا الـدعم الحكومي للـسلـع المستوردة . ولـكــن الـمـجـتمـع الـدولـي وعـلى رأسـه صـندوق الـنـقـد الـدولـي يـسـارع بالتـكـشـير عـن أنـيـابه لـمـن يـفعـل ذلك . كـمـا ان مـنظـمة التـجـارة الـعـالمية ، أصـبــحــت الـيـوم سـوقـا عـالمـيا لـشكـاوى الدول بعضها عـلى بـعـض لـدعمـها لـبـعض القطاعات الاقتصادية بـهـا.
واذا كــانــت “لـيـالي الـعـيـد تـبــان مـن عـصـاريـهـا” كـمـا يـقول المـثـل الـقديـم ، فلا شك لـدي أن الـعـيـد هـذا الـعـام سـيكون أغـلى من سابـقـه . ولا شك لـدي كــذلـك أن الـغـلاء سـيكـون ضـيـفـا ثـقـيلا عـلى الـسعوديين لا بـد مـن اسـتضـافـتـه لـسـنـين قـادمــة . وكـمـا فـصـلـت فـي مـقـالات سـابـقة بأن الـغـلاء لــه مـفـاصـل كـثـيرة ، أو رؤوس كثـيـرة كالتـنـيـن، وبـمـا أنّ هـذا التــنـيـن سـبـق أن زار بـلاد العالم ، ونجحت دول كثيرة في تـحـجـيم مـضـارّه، فلا بأس عـلينـا مـن استـخدام بـعـض الوسائل المجرّبه في تخفـيف آثاره عن المواطـنـين خصوصا محدودي الـدخل وهم الحلقة الأضعف في مجتمعنا .
ظاهرة الغلاء ببساطة تـنـقسـم الى عـنصرين رئيسين وهمـا ارتـفـاع تـكـلفة الـسـلع أو انخـفـاض دخــل المواطن يـمـكن اذن أن نعـالج الأمـر بمحاولة تـخفـيض الأسعـار أو الرفـع الـمـبرمـج لدخل المواطن.
وهـذا هـو مـربـط الـفرس في مـقـالنا هـذا . فـعـندمـا يـكون هـنـاك مـظـاهر غـلاء متــتـال، سواء كان بنسب مرتفعـة أومنخفضة ، يستحـسن ادراج بـنـد جديد في عـقـود الـعـمل يـحتـاط لـهذه الارتفاعات المرجّح وقـوعـهـا .
هـذا الـبـند يــُطـلـقون عليه “مؤشر تكلفـة المـعيـشة “ ، وهو بكل بساطة أن يتم رفع مرتبات الموظفين بما يساوي ارتفاع تكلفة المعيشة . وحيث ان مؤسسة النقد تصدر بيانات دورية بنسب التضخم ، فيمكن ان تعتبر هذه الأرقام المؤشر المعتمد في رفع المرتبات . فاذا ارتفعت تكلفة المعيشة بنسبة أربعة في المائة مثلا ، يتم رفع المرتبات بنفس النسبة ، واذا انخفضت العام المقبل يمكن تخفيضها وهكذا . وهـذا البند يُستحسن ان يكون جزءا لا يتجزأ من عقود التوظيف تشترطه وزارة العمل بكافة العقود . سيقول بعض الاقتصاديين ان هذا الاجراء لـه سلبياته ، سأقول صـدقـتم ولكنه كالدواء الذي نقبل بآثاره الجانبية طمعا في فائدته.
Samirabid@Yahoo.com