«ساهر» وشقيقه «سالك»!
الاربعاء, 26 يناير 2011
طلال آل الشيخ
ليست لدي مشكلة مع «ساهر»، فهو نظام مهمته أن يضبط «المخالفين»، وأن يقنن عملية المرور في الشوارع التي لم تكن في السابق، وربما لا تزال، خارج إطار «التنظيم» المأمول بفضل قانون «التهور» غير المكتوب للقيادة، الذي يعرفه الشاب في السعودية منذ أن ينال «الترخيص» الأول للقيادة في حياته.
مشكلتي، ومشكلة الكثيرين تحديداً، في آلية تطبيق هذا النظام، وهذا الحقد الدفين المتولد لدى المواطنين والمقيمين في السعودية منه، وأتساءل لماذا لا يوجد رد فعل مشابه لدى المواطنين والمقيمين في الإمارات من نظام «سالك» الشقيق الأكبر لـ «ساهر»؟!
أولاً: «سالك» يهدف إلى التنظيم ومن يتجاوزه يدفع صاغراً وهو مقتنع أنه ارتكب خطيئة في حق نفسه، وأنه خالف النظام، بينما مع «ساهر» تشعر به يتربص بك «ريب المنون» حتى يأخذك على حين غرة، وهنا فأنت لا تشعر أنك مخالف للنظام، وإنما تشعر بأن هناك من دبر لك مكيدة من أجل أن يتكسب من ورائك.
ثانياً: «سالك» حدد السرعة المعقولة في الشوارع، بينما «ساهر» طالبك بأن تسير بسرعة 70 ك فقط في شوارع «أربعة مسارات»، كان البعض يقود فيها بين 120 و140! حتى أن البعض يعتقد أنه تم تركيب كاميرا ساهر في «نزلة القدية»، ولمن لا يعرفها فهي منحدر شديد على مدخل منطقة الرياض للذاهبين إلى الحجاز، وإذا لم تضغط على دواسة البنزين وأنت تسير عليها فستكون سرعتك 80 كيلومتراً في الساعة.
ثالثاً: «ساهر» يقوم بتغيير مكانه وموقعه أكثر من مرة، ويختبئ خلف أنواع عدة من السيارات حتى لا يعرفه الآخرون وينتبهوا له، لدرجة أن الناس أصبحوا يقولون إن هناك سيارة من نوع «دينّا» لـ «مخابز» شهيرة تم تركيب ساهر فيها، وهو كلام غير منطقي، لكن منبعه لعبة «الاستغماية» التي يمارسها المرور مع قائدي المركبات.
رابعاً: السرعة بين أبوظبي ودبي120، وهناك هامش لإعطاء المخالفة إلى سرعة140 في معظم الطريق، وفي التخصصي مجدداً ينتظرك «ساهر» على 71 ليخالفك ويغرمك.
تخيل أن الجميع مقتنع بأن لـ «ساهر» هدفاً مادياً بحتاً، ولا أعتقد أن هذا التصور جاء من فراغ، بل من الطريقة التي يدار بها المشروع.
أوردت بعض الفروقات بين «سالك» و«ساهر»، ولا أقول إن الأول محبوب والثاني مكروه، فالناس لن يحبوا الإثنين، وهذه النوعية من المشاريع لم توضع لكي يحبها الناس، بل لكي يلتزموا ويعتبروا من خلالها، ولا ضير في ذلك، لكن إدارة المرور في الإمارات نجحت في أن تجعل الناس تلتزم به من دون أن تحقد عليه، أو تشعر أنه مشروع لاستنزاف جيوبهم، أو ضدهم، بينما إدارة المرور في السعودية جعلت الناس يعتقدون أنه مشروع لنهبهم، والتسلط عليهم... بل التفنن في التقاطهم والضحك عليهم، والأغرب بالنسبة لي عندما أشاهد وأسمع كبار المسؤولين في المرور ودفاعهم المستميت عن النظام بسلبياته قبل إيجابياته.
أخيراً...
من القصص الطريفة عن «ساهر» ما فعله بعض الشباب في بريدة، عندما اقتلعوا لوحات سيارة ساهر ووضعوها على سيارة خاصة، وبدأوا المرور مسرعين من أمام الجهاز طوال اليوم ليسجل مخالفات على نفسه تجاوزت الـ«11» ألف ريال، ما يعكس العلاقة بين الناس والنظام.
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/227606