معايدة الغرب للمسلمين
الأحد, 12 سبتمبر 2010
عبدالعزيز السويد
يُظهر الإعلام الغربي أن القس جونز لا يمثل سوى مجموعة صغيرة من المسيحيين أو الأميركيين. وتتوالى تصريحات الاستنكار لجريمته «العزم على حرق المصحف الشريف» من البيت الأبيض وكبار السياسيين والعسكريين. الصورة أنه لا يمثل سوى فئة صغيرة وأن نواياه لا تمثل الحكومة والسياسة والشريحة العريضة من الشعب الأميركي. في الجانب الآخر صدر حكم ضد «بيت سيدا» المعروف بأبي يونس بالسجن لثماني سنوات بتهمة التهرب الضريبي! على خلفية قضية مؤسسة الحرمين في أميركا، وبالعودة إلى ست سنوات مضت منذ بداية ملاحقة هذه المؤسسة والعاملين فيها بتهمة الإرهاب وتمويله، بما في ذلك من مداهمات وتجميد أو الاستيلاء على أموال المؤسسة وإغلاق مكاتبها وملاحقة حسابات بنكية عامة وشخصية، انتهت القضية الضخمة إلى قضية تهرب ضريبي! وبعيداً عن ملابسات المحاكمة «مثلاً لم يسمح القاضي باختبار توجهات هيئة المحلفين قبل اختيارهم مع أن المتهم أميركي مسلم من أصل إيراني، واعتراف المحاسب بأن ما حصل هو خطأ محاسبي لم يؤخذ به».
القضية فيديرالية، الادعاء فيها يمثل وزارة العدل الأميركية، ومعلوم أن قضايا التهرب الضريبي والتحرش الجنسي في أميركا هي من القضايا «الكامنة» التي يمكن استغلالها للإدانة عند الحاجة.
يمثل هذا الظلم الذي صدر بحكم، وجهاً من وجوه الهجمة السياسية الغربية ضد كل ما هو إسلامي ودعوة إلى الإسلام، لا تختلف كثيراً عن صورة القس جونز القبيحة، الفارق أن الحكومة الأميركية هي الطرف المغذي للتطرف في تلك القضية الناعمة شكلاً، ويزيد من قبح الصورة وضوحاً عدم احترام المستشارة الألمانية السيدة ميركل للمسلمين بتكريم صاحب الرسوم الدنماركية المسيئة في عيد الفطر المبارك. انه تكريم للتطرف وإساءة الى الإسلام والمسلمين بدعاوى الحرية والشجاعة.
تحصل هذه الهجمة المضادة في مقابل مشروع حوار الأديان الذي طرحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار، وكأن المراد إجهاض كل مشروع عقلاني إنساني.
الواقع أن متطرفيهم أقوى من المتطرفين المنتسبين للإسلام، لأن السياسي هناك هو من يقدم لهم غطاء الشرعية باسم الديموقراطية والحرية.
في النتيجة، نجح الغرب في تضخيم شبح التطرف والإرهاب، واحتلت بلاد وقُسمت ونُهبت ثروات في العراق وأفغانستان وتجري تجزئة السودان ويترك الصومال في حريق حرب أهلية.
إذا كان القس جونز لا يمثل سوى فئة صغيرة من المسيحيين ويطالب بعدم تعميم نواياه العدوانية على الغرب المسيحي فلماذا لا يطبق الأمر نفسه على تنظيم «القاعدة» وهي لا تمثل سوى فئة صغيرة من المسلمين؟! لماذا يدفع المسلمون وبلدانهم وثرواتهم ثمن جريمة فئة صغيرة ما زال يكتنفها الغموض، في حين أن الأفراد المتطرفين في الغرب يكرمون في ألمانيا وتحميهم القوانين في أميركا، إنه النفاق الغربي الداعم والمستفيد الأول من التطرف والإرهاب الذي يثبت يوماً بعد يوم أنه الراعي والمغذي الرسمي المستمر في إنعاشه كل فترة.
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/180913