10 فقر ... 10 تضخم ... 10 بطالة!
عبدالله بن ربيعان الحياة - 17/10/08//
بحسب لقاء وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين الأخير مع صحيفة (الوطن) الذي نشر أخيراً، فإن عدد الفقراء في السعودية يبلغ مليوني فقير (10 في المئة من 20 مليون مواطن بحسب إحصاءات البنك الدولي)، في حين انخفض التضخم قليلاً الى 10.9 في المئة بحسب احصاءات شهر آب (أغسطس) الأخيرة، بتراجع طفيف جداً عن الشهر السابق له، فيما ما زالت البطالة تصر على البقاء مرتفعة. وعلى رغم تشكك الاقتصاديين في الأرقام التي تصدر عن الجهات الرسمية عادة، إلا أننا لن نفعل هذا، وسنتعامل مع هذه الأرقام على أنها الحقيقة لعدم وجود جهات إحصاء أخرى يمكن الاعتماد على مخرجاتها.
وفي كل الحالات فإن القراءة الاقتصادية لما وراء هذه الأرقام ستصل بنا في كل الحالات إلى أن هناك خللاً وتأثيراً سلبياً على مستوى معيشة المواطن السعودي الذي تتداخل العوامل الثلاثة لجذبه لأسفل بدلاً من الارتقاء بمستوى معيشته للأفضل. وإن بدأنا بالحديث عن التضخم فإن المأساة التي تواجه المواطن أن التضخم حدث في السلع والخدمات التي تعتبر من مستلزمات البقاء والحياة من أكل وشرب وسكن وتعليم وصحة، بمعنى أنه لا يمكن لأحد الإفلات من قبضة التضخم، وعلى رغم أن الحكومة صرفت لموظفيها بدل غلاء معيشة إلا أن عدد الذين يشملهم هذا البدل لا يزيد على مليون شخص، هم موظفو الحكومة، فيما يتبقى 19 مليون شخص هم بقية المواطنين بلا بدل يساعدهم في التعايش مع ارتفاع الأسعار الذي شمل كل شيء تقريباً.
ولست من المنادين بزيادة الرواتب لأنها ستشعل الأسعار مرة أخرى، وبما أننا نستورد التضخم بصفتنا نستورد كل شيء تقريباً فإن خفض رسوم الهاتف والكهرباء والمياه ورسوم الرخص والاستقدام وغيرها هي ما نملك فعلياً لنساعد المواطن لتوجيه راتبه لشراء السلع والخدمات التي ارتفعت أسعارها. وأما في ما يخص الفقر والبطالة فلا يمكن الحديث عن أحدهما من دون الآخر، لأن وجود أحدهما يؤدي بالضرورة إلى وجود الآخر، فالفقر يؤدي إلى البطالة لأن الفقير (وعادة ما يكون ممن لا يحملون مؤهلات مناسبة) لا يملك مصاريف الدراسة لابنائه، وسرعان ما يتركون بدورهم مقاعد الدراسة قبل الحصول على مؤهلات تساعدهم في الالتحاق بوظيفة مناسبة، ويصطفون في صفوف البطالة، كما ان البطالة بدورها تؤدي إلى الفقر، لأن العاطل ليس له مصدر دخل يعيش منه، وبالتالي فزيادة البطالة تعني ضمنياً زيادة عدد الفقراء في المجتمع والعكس صحيح تماماً.
وإن كان الوزير العثيمين ألمح الى مسؤولية وزارته عن الفقراء غير القادرين على العمل، فإن الدور سيكون ناقصاً بلاشك مع وجود البطالة، لأنها أول أسباب الفقر، كما أن الفقر مصطلح عائم في تعريفه، فهل يعتبر من راتبه ثلاثة آلاف ريال فقيراً أم لا؟ وهل من يملك قوت يومه ولكنه غير قادر على دفع إيجار منزله يعتبر فقيراً؟ وهل الذي يعيل ستة أو سبعة أفراد من أولاد وأبوين يعتبر فقيراً إذا كان دخله خمسة آلاف ريال مثلاً ثم ما هو بعد المليوني فقير الذين ذكرهم الوزير في حديثه عن خط الفقر؟ وهل يكفي الدعم المادي للفقير لانتشاله من حالة الفقر؟ والى متى يستمر الدعم المادي؟ وعلى الجانب الآخر فإنه على رغم التوسع الذي يشهده الاقتصاد والوفر المالي الذي تحقق إلا أن أرقام البطالة ما زالت تراوح حول 10 في المئة بين الذكور، وهو ما يوجب النظر مرة أخرى في الاجراءات التي تتخذها وزارة العمل للحد من البطالة وإلحاق السعوديين بوظائف القطاع الخاص الذي توسع في كل شيء إلا السعودة. وأما اين الخلل؟ فهو السؤال الذي لا يملك إجابته سوى غازي القصيبي!
* اقتصادي سعودي - بريطانيا