نحو رشد استهلاكي
أشارت «الحياة» في تقرير لها يوم الجمعة إلى أن للسلوك الاستهلاكي في الولايات المتحدة دوراً في أزمة الغذاء العالمية، وتمحور التقرير حول الوجبات السريعة الأميركية، ونهج إعلانات التسويق والإغراء بعروض تركز على زيادة حجم الوجبة للفرد. وإنصافاً لـ «بطون الأميركيين». أعلن البنك الدولي أخيراً أن السبب الرئيس لأزمة الغذاء العالمية هو التدافع من الولايات المتحدة وأوروبا على إنتاج «الوقود الحيوي». هذا التوجه، بحسب البنك، مسؤول عن قرابة 75 في المئة من الارتفاع الذي تعرضت له أسعار المواد الغذائية.
حسناً… ما دورنا نحن؟ ماذا فعلنا لإطلاق موجة ايجابية مثمرة نحو ترشيد استهلاك الغذاء؟ من غير المجدي مطالبة الناس بأن يقللوا طعامهم، ليس هذا هو هدف المقال، القصد فتح العيون على الفاقد الكبير ومعرفة جذوره.
عندما تدخل مطعماً من المطاعم الشعبية في السعودية، تلك التي تعتمد على وجبات الرز واللحوم، فيتحدد قياس الوجبة بعدد الأشخاص، أو يقاس بدجاجة، ربع دجاجة مع الرز، وهكذا.
يمكنك أن تقوم بتجربة فتدعو ثلاثة إلى أربعة من أصدقائك لوجبة الغداء، «رز مع اللحم» واطلب وجبة «شخص واحد» ستكتشف أنها كافية وربما تزيد. قد تصبح هدفاً لتعليقات تتهمك بالبخل لكنهم سيشبعون، تذكر أننا نطلب «رز بلحم»، وليس «لحم بالرز»! استند هنا إلى المستويات الطبيعية للأكل لا الاستثنائية، والرز الذي نخوّف به ومنه كل شهر بارتفاع أسعاره هو «المكبوب» غالباً، ومعه كثير من اللحم، والأخير من أسباب كثرة الفاقد منه، عدم الاحتراف في تجهيزه.
ما سبق من الأسباب، ومنها أيضاً عدم وجود مكاييل معترف بها خلاف «واحد نفر وربع دجاجة»، يضاف إلى هذا أنه قد ترسّخ الاستهلاك والشراء بالجملة لا التجزئة. عندما أرى أهل الصين وجيرانهم وهم أهل الرز، يأكلون بطبق صغير جداً قد لا يسد العين اليسرى للبعض اندهش، لكنني هنا لا أطلب إطلاقاً أن يأكل الإنسان أقل من حاجته ورغبته، ولا حتى حرصه على إشباع عيون ضيوفه عنواناً لكرمه، بل اقترح أن يعاد النظر في حصص الوجبات الشعبية، خصوصاً في المطاعم والمطابخ، مع لزوم أن ينعكس هذا على الأسعار في شكل دقيق، كثير من الناس يشترون كميات أكبر من حاجاتهم بسبب تلك الحصص الملزمة التي فرضتها المطاعم وساعدتها «طفرة» استهلاكية سابقة لم «ترصص كفراتها».