مؤشر تكلفة المعيشة يواصل قفزاته دون تراجع
السعودية.. سكان الرياض يهجرونها هربا من غلاء الإيجارات
أسعار أقل على أطراف العاصمة
طلبات خاصة للسعوديين في السكن
تراجع الدخول وتواصل الغلاء
السكان يتكيفون مع "الغلاء"
ملايين مقيم
الرياض – عمر عبد العزيز
أجبر الارتفاع المتواصل لأسعار الإيجارات في السعودية الكثير من الشباب السعوديين والمقيمين على حد سواء إلى "هجر" مدينة الرياض العاصمة، إلى المدن المجاورة لها؛ حيث الإيجارات أقل، وفقا لما قاله سكان وأصحاب مكاتب عقارات.
وتأتي هجرة سكان للعاصمة في ظل توقعات بمواصلة الإيجارات ارتفاعها وسط أزمة نقص في المعروض العقاري تعيشها الرياض بسبب تزايد الطلب على العرض.
وقد زاد ارتفاع أسعار الإيجارات من كلفة المعيشة في السعودية، كما تعد الإيجارات المحرك الرئيس للتضخم، وارتفع التضخم إلى 6.5% في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ليسجل أعلى مستوى منذ عام 1995.
وعزت مصلحة الإحصاءات العامة السعودية ارتفاع التضخم إلى عدة عوامل، أبرزها زيادة الإيجارات 15%.
أسعار أقل على أطراف العاصمة
وقال شهاب المهدي "إنه يقطع نحو 70 كيلومترا يوميا (ذهابا وإيابا) من مدينته المزاحمية (غرب مدينة الرياض) إلى مقر عمله في العاصمة الرياض، وأنه اضطر إلى السكن في المزاحمية بسبب الارتفاع الكبير للإيجارات في الرياض".
وقال المهدي لموقع "الأسواق.نت" "إنه ترك السكن في الرياض منتصف العام الماضي، وحصل على شقة أكبر مساحة من شقته السابقة في الرياض، وبسعر 10 آلاف ريال فقط، في حين كان يستأجر شقته في وسط الرياض بـ 20 ألف ريال"، (الدولار = 3.75 ريالات سعوديا).
وأضاف "أنه ليس هو الوحيد الذي ترك الرياض إلى ضواحيها والمدن التابعة لها، وأنه في أثناء رحلته اليومية للذهاب إلى عمله يجد نفسه بين عدد من الشباب العاملين في الرياض الذين هجروها إلى مدن مجاورة؛ هروبا من أسعار إيجارات المنازل المرتفعة.
وذكر أن السكن في المدن المجاورة من الرياض يوفر نحو 50% من قيمة إيجار المنزل.
طلبات خاصة للسعوديين في السكن
واتفق معه المواطن سالم البلوي، وقال "إنه فشل في العثور على شقة عائلية بإيجار مناسب في الرياض؛ حيث يكون للسعوديين طلبات خاصة في السكن وضرورة أن تضم الشقة مجلسين الأول للرجال والثاني للنساء إلى جانب غرفتي نوم على الأقل، وأن أقل إيجار لشقة بتلك المواصفات يبلغ 25 ألف ريال".
وأضاف لـ"الأسواق نت" "أن تلك الإيجارات العالية دفعته إلى البحث عن شقة في إحدى المدن المجاورة للرياض، وقد استأجرت واحدة بـ15 ألف ريال في المزاحمية بسعر أقل 10 آلاف"، مشيرا إلى أن ما شجعه على السكن خارج العاصمة انخفاض تكلفة البنزين وقرب "المزاحمية" من العاصمة، كما أن عمله يقتصر على دوام واحد.
واتفق معه حلمي عبد العزيز، وقال "إن غلاء الإيجارات في الرياض دفعه إلى تركها والبحث عن سكن خارجها، خاصة أن عمله على مشارف مدينة الرياض".
وأضاف "أستأجر شقة على الطريق الدائري، وتبعد عن عمله نحو 40 كيلومترا، ولكني لا أشعر ببعد المسافة وخاصة مع وجود شبكة طرق جيدة لا تشهد زحاما في الغالب، كما أن تكلفة البنزين رخيصة".
وتعد السعودية أرخص دول العالم من حيث سعر البنزين؛ إذ يبلغ سعر اللتر 60 هللة (الريال = 100 هللة) للبنزين 95، فيما يبلغ سعر البنزين 92 نحو 45 هللة.
وذكر عبد العزيز أن أسعار الشقق العائلية ارتفعت كثيرا وبلغت في بعض المناطق وخاصة شمال ووسط الرياض 30 ألف ريال، بعد أن كانت تتراوح ما بين 12 إلى 14 ألفا قبل 4 أعوام تقريبا، وهو ما يستنزف من دخله كثيرا.
تراجع الدخول وتواصل الغلاء
وقال فائق شديد صاحب مكتب عقارات "إن الطلب على العقارات في المدن المجاورة للرياض بدأ يشهد إقبالا ملحوظا منذ فترة، بسبب انخفاض الإيجارات مقارنة بمدينة الرياض التي تعاني من تراجع المعروض قياسا بالطلب الكبير".
وأوضح في تصريح لـ "الأسواق.نت" "أن ارتفاع الإيجارات في الرياض وتوقعات استمرار الارتفاع زاد الإقبال على السكن في المدن المجاورة في الفترة الأخيرة بسبب انخفاض سعرها".
وعما إذا كان الإقبال على السكن في المدن المجاورة للرياض قد يؤدي إلى ارتفاع أسعارها، قال "إن ذلك وارد ولكن ليس قريبا بسبب زيادة المعروض من الشقق عن الطلب".
واتفق معه فارس الحربي صاحب مكتب الدليل للعقارات، وقال "إن الطلب على المساكن في المدن المجاورة للرياض وضواحيها بدأ يشهد ارتفاعا مؤخرا".
وأشار الحربي إلى أنه ما يشجع على الإقبال على السكن خارج مدينة الرياض، تراجع مستويات الدخول مع الارتفاعات المستمرة للأسعار في كل القطاعات، وهو ما جعل الناس يبحثون عن التوفير، وفي المقدمة التوفير في بند الإيجارات.
ولفت إلى أن عددا من المدن المجاورة للرياض بدأت تشهد تجمعات للسكن سويا لتوفير مصاريف الإيجار التي باتت البند المرهق الأول للمقيمين والسعوديين على حد سواء، ولم تكن تلك التجمعات موجودة إلا داخل العاصمة فقط.
السكان يتكيفون مع "الغلاء"
من جانبه، رأى عضو اللجنة الفرعية للمكاتب العقارية في غرفة الرياض سليمان العمري، أنه من الطبيعي أن يلجأ السكان إلى تغيير أنماط حياتهم والتكيف مع أوضاع الغلاء الجديدة، ويأتي في مقدمتها بند الإيجارات.
ورجح أن يتزايد الطلب على العقارات في ضواحي الرياض والمدن المجاورة لها خلال الفترة المقبلة، مع توقعات بموجة ارتفاع جديدة في أسعار الإيجارات بضغط من الطلب المتزايد وقلة المعروض.
وأوضح العمري أن زيادة الطلب على العرض بسبب النمو السكاني الذي تشهده مدينة الرياض ويزيد عن 3.8%، والانتعاش الاقتصادي الذي تشهده السعودية، وتوقعات استمراره إضافة إلى ارتفاع أسعار مواد البناء التي تزيد من التكلفة الإنشائية سينعكس على أسعار الإيجارات وبالتالي زيادة الطلب على العقارات المجاورة للرياض.
7 ملايين مقيم
ويوجد في السعودية أكثر من 7 ملايين مقيم منهم نحو 3 ملايين مقيم من الجنسيات العربية التي تأتي من مصر والسودان وبلدان الشام، ويعمل معظم المقيمين العرب في الوظاف الطبية والتعليمية وفي الوظائف الإدارية والفنية في الشركات الكبرى؛ إذ يشكلون القاعدة الأكبر في شركات القطاع الخاص الكبيرة والمتوسطة.
وكانت مكاتب عقارية في الرياض رفعت قيم إيجارات الوحدات السكنية اعتبارا من بداية عام 2008، وأبلغ عقاريون المستأجرين من خلال خطابات تم توزيعها عليهم برفع الأسعار بنسب تراوحت بين 10 و 15%.
وعزت المكاتب الزيادة إلى الغلاء طال كل شيء وزيادة أجور العمالة والتأمين على العاملين وارتفاع تكلفة صيانة العقارات.
وبدأت قيم إيجار العقارات في السعودية مرحلة الصعود منذ بداية 2007، وكانت في أول المطاف في حدود 20%، إلا أنها وصلت إلى 50% وتجاوزتها في الفترة الأخيرة، وسط تحذيرات من تفاقم أسعار العقارات السكنية خلال النصف الأول من 2008، مما قد يتسبب بموجة غلاء جديدة ما لم يتم التصدي لهذا الارتفاع المرتقب بالإسراع في إصلاح السوق العقارية وإيجاد التشريعات اللازمة لتنظيم السوق.
وفي المقابل يطالب المستأجرون الجهات المختصة بالتدخل لإيقاف جشع أصحاب العقارات وتحديد نسبة سنوية لارتفاع الإيجارات.
وأوضحت دراسة لهيئة تطوير مدينة الرياض أنها تحتاج إلى 30 ألف وحدة سكنية سنويا، وأن ما يتم توفيره حاليا لا يتعدى نصف هذا العدد سنويا، وهو ما يدعم توقعات بارتفاع مستقبلي للإيجارات.
http://www.alaswaq.net/articles/2008/01/18/13396.html