تجربة الرياض .. المواطن ومشروعية المنافسة
التجربة التي طبقتها منطقة الرياض مؤخراً، القاضية بنشر بيان مؤشر الأسعار الأسبوعي لبعض منافذ البيع بالتجزئة، تستحق الإشادة والتوقف عندها طويلاً، خاصة في ظل الظروف المعيشية الراهنة، وشكاوى العديد من المواطنين من ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية.
ميزة التجربة أنها تضع المواطن أمام خيارات مفتوحة، تتيح له انتقاء الوجهة الأفضل بالنسبة لإمكانياته المادية، كما أنها من جانب آخر، تضع بعض التجار أمام مسؤولياتهم الأخلاقية تجاه المجتمع، من خلال الإفصاح عن حركة الأسعار، مما يؤطر لتنافسية مشروعة بعيدة عن الاحتكار أو التحكم في سعر سلعة ما ، بالنظر إلى الارتفاع الملحوظ في الأسعار عالمياً.
لا ننكر أننا جزء من هذا العالم المتنافس، ولا ننكر أيضاً أننا نستورد الكثير من المواد الغذائية بحكم طبيعتنا الجغرافية، وبحكم السوق المفتوح، كما تدعو له اتفاقية التجارة العالمية التي ينضوي تحت لوائها الكثير من الدول، ولا ننكر أيضاً أن حالة التنافس تلك، تفرز مناخات سلبية، كما أن لها إفرازات إيجابية، وفي النهاية يبقى المستهلك هو المستفيد، كما قد يكون الضحية.
وهنا تحديداً، تأتي أهمية التجربة، كونها تصلح مشروعاً اجتماعياً مهماً، يضفي على تعاملاتنا مزيداً من الشفافية، وتجعل حالة التنافس بين اقتصاديات السوق واقعاً مشروعاً ملزماً، أو لنقل جزءاً من المسؤولية الأخلاقية لأي عمل اقتصادي، خاصة في مجتمعنا الذي نعتقد أنه يسير وفق ضوابط إسلامية معتبرة.
التجربة أيضاً ـ رغم أنها في فترة التجريب الأولى ـ إلا أنها نجحت في وضع المواطن ـ ولو بصورة غير مباشرة ـ في الصورة العامة لمستوى الأسعار، كما ألزمت في الوقت نفسه المحلات التجارية بما أعلنته من أسعار ولو لفترة معينة، ضمن هامش متغير بسيط، كما أنها أيضاً من خلال الإعلان العام، وضعت التجار والمستوردين على محك الاختبار الحقيقي، وربما هذا يجعلنا نأمل في أن تعمم هذه الفكرة، ويؤخذ بها، ونحن في المنطقة الشرقية لنا أمل في أن تبادر أمانة الشرقية إلى وضع تصور لها يدخل حيز التنفيذ بشكل ما، ونثق في أن المسؤولين بالمنطقة يعملون دوماً لما فيه مصلحة المواطن، التي هي في النهاية جزء لا يتجزأ من المصلحة العليا للوطن.
http://www.alyaum.com/issue/article....0&I=552365&G=1