تلويحات بالمقاطعة ومطالبة "التجارة" بالتعاون مع الأمانات لتفعيل رقابة الأسواق
خفض الطلب واللجوء إلى السلع البديلة سلاح المستهلكين لمواجهة "غلاء الأسعار"
مستهلك في أحد أسواق جدة أمس تصوير: عمر أبوسيف
جدة: مشاري الوهبي
انتهج مستهلكو المنتجات الغذائية والسلع في المملكة أسلوب خفض معدلات الطلب واللجوء إلى السلع البديلة لمواجهة تواصل ارتفاع الأسعار، للضغط على المنتجين، فيما يعتبر اقتصاديون تقرير وزارة التجارة بتوقعات ارتفاع الأسعار ضوءا أخضر للتجار لرفع أسعار منتجاتهم بقلب بارد.
وباتت أعين المتبضعين مصوبة تجاه ملصق السعر، وهو ما دفع كثيرا من المراكز التجارية إلى (تعمد) عدم وضعها في محاولة لإبقاء ولاء المستهلك للمنتج مستمرا، بغض النظر عن سعره، فيما تبدو نظرات بعضهم متيقنة بأنها الأخيرة لتلك الأرقام المغادرة للخانة الأعلى، بعد أن كانت متواضعة ومقدوراً عليها في سابق أيامهم.
وأظهرت جولة ميدانية لـ "الوطن" أمس في عدد من المراكز التجارية الكبرى بجدة أن هناك نحو 30% زيادة في معدل رجيع منتجات الألبان بأشكالها المختلفة، وهو ما يفسر توجه تجار الألبان إلى إلغاء جزئي لقرار زيادة السعر، ويؤكد أن سياسة المقاطعة وترشيد الاستهلاك تركت آثارها خلال أقل من 48 ساعة.
يقول أحد المستهلكين "يجب أن يكون لنا، كلمة حاسمة متى كانت الارتفاعات غير مبررة، لافتا إلى أنهم يعمدون لقاعدة اقتصادية وشرعية، متمثلة قول عمر بن الخطاب، حين جاءه الناس ينشدونه تخفيض أسعار اللحوم فرد عليهم "أرخصوه أنتم" أي بمعنى "قاطعوه" واتركوه لتجاره، ليتولوا إعادة حساب هامش أرباحهم والنزول بها للمقبول.
و يعلق المواطن أحمد الغامدي حول تواصل ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية قائلا : "نعلم أن النفط يعد من المواد الخام التي تدخل في عدد كبير من الصناعات، وارتفاع النفط يؤثر على الواردات السعودية، من خلال زيادة تكاليف إنتاج المواد المستوردة، سواء كانت غذائية أم استهلاكية وخدمية". لكنه يتساءل عن أسباب ارتفاع المنتجات المصنعة محليا، مبديا عدم قناعته كمستهلك بمبررات ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي والمستورد.
مشيرا إلى أن المصنعين يطمحون دائما إلى هوامش ربحية أعلى، لكننا كمستهلكين سنعمد إلى خفض الطلب.
وكانت أسعار العديد من المواد الاستهلاكية في السعودية سجلت ارتفاعات غير مسبوقة أواخر العام الماضي، وتواصلت مطلع العام، يدفعها تقرير "وزارة التجارة" بتوقع ارتفاع تتراوح نسبته بين 20 و30 % في العام الجديد، وهى محل مخاوف المستهلكين من رفع التجار هامش الربح في مختلف السلع بشكل جماعي.
ويرى الخبير الاقتصادي عبد المجيد الفايز أن ورقة المقاطعة وخفض الطلب هي ورقة رابحة في يد المستهلكين، للضغط على الموردين لعودة الأسعار إلى مستوياتها المنطقية والرضى بهامش ربحي معقول.
و أضاف الفايز أن تخفيض الطلب في بلد يعتمد على السلع المستوردة هو أمر ملح متي أراد المستهلكون التأثير، خصوصا مع وجود تجار ووكلاء محدودين، متحكمين بالأسعار، "، داعيا المستهلكين إلى إعادة حساباتهم وإيجاد توازن بين الاحتياجات الأساسية وضغطها لأدنى حد ممكن.
واعتبر الفايز، تقرير وزارة التجارة بتوقعات ارتفاع الأسعار بنسبة تتراوح بين 20 و30 % ضوءا أخضر للتجار لرفع الأسعار كما يشاؤون، قائلا "لا ننفي تماما المبررات من تغيرات أسعار صرف العملات العالمية وبعض مدخلات الإنتاج، لكن من غير المنطقي نسبا تعدت 50 %".
وطالب المستهلكين بمعرفة مصدر الإنتاج وتحرى المبرر المنطقي وعزل غير المنطقي وخفض معدلات الطلب بالتوجه إلى السلع البديلة، كما طالب وزارة التجارة بالتعاون مع أمانات المناطق والبلديات لمساعدتها في مراقبة الأسعار.
إلا أن المصرفية عائشة الزامل، لا ترى جدوى من خفض معدلات الطلب، لأنها تعتقد أن مبررات التجار حقيقية.
وبقدر ما تراها عائشة، مشكلة تتمحور في ارتفاع تكاليف الإنتاج على المصنعين والمستوردين أنفسهم، فهي لا ترى في سياسة المقاطعة، حلا لمجمل المشكلة، إنما تراه في الدعم الحكومي سواء مباشرة للسلع أو رفع رواتب الموظفين بنسب مجزية يمكن أن تسهم في خفض تأثيرات موجة الغلاء.
وكانت "الوطن" قد انفردت خلال الفترة الماضية وعبر تقارير ميدانية من مختلف مناطق البلاد، بكشف توجهات موردين ومنتجين محليين لإقرار زيادة تتجاوز 15 % في أسعار عدد من المنتجات التمويلية والاستهلاكية، دون الرجوع إلى الجهات المعنية لعرض المبررات والمستندات الثبوتية