زاوية منفرجة
جعفر عباس
الجوال للثرثرة وتبديد الثروة
لدي معرفة لا بأس بها بصناعة وسوق الاتصالات الاقليمية والعالمية، من واقع عملي لسنوات طويلة في شركة اتصالات قطر، ومن الحقائق الثابتة التي أعرفها ان العرب ثرثارون، ويهدرون المليارات سنويا في الكلام الفارغ.. عدد من يملكون هواتف جوالة في الهند أكبر من عدد من يحملونها في كل الدول العربية مجتمعة، ومع هذا فإن إيرادات معظم شركات الهواتف الجوالة في الهند، أقل من إيرادات شركات تعمل في دول محدودة السكان مثل البحرين وقطر.. هناك مثلا مليونا مشترك في الهاتف الجوال في الهند لا يستخدمون هواتفهم إلا لإرسال واستقبال الرسائل القصيرة، ونحن... دعك من نحن.. في البيت وأنا على بعد أمتار من عيالي يتصلون بي هاتفيا ليقولوا: الغداء جاهز.. شركة الهاتف الجوال في بلد متقدم اقتصاديا وعلميا مثل سنغافورة تعتمد في إيراداتها على ما يسمى بخدمات القيمة المضافة value added services وبوصول الجيل الثالث من الهواتف الجوالة وطرح تقنيات ربطها بالانترنت لم تعد الهواتف الجوالة في سنغافورة وعموم جنوب شرق آسيا مجرد أدوات للتواصل الشفهي، بل للمعاملات التجارية والصفقات.. وهكذا فإن كلفة مائة مكالمة هناك لا تزيد على نحو ثلاثة دولارات.. وعندنا فإن فاتورة الشخص الغلبان تكون في حدود 300 دولار شهريا، لي أصدقاء موظفون في قطر والبحرين والسعودية لا تقل فواتيرهم شهرا بعد شهر عن نحو 1500 دولار... حتى السودان الذي يعد من أفقر دول العالم (بفعل فاعل غير مستتر تقديره هم)، تجد الموبايل في يد كل مواطن.. يقطع الواحد منهم عشرة كيلومترات سيرا على الأقدام لـ«توفير كلفة المواصلات» ويظل طوال الطريق يتكلم وكأنه مذيع يقدم وصفا حيا لحدث يجري أمامه، ولو رمى جواله في الزبالة لثلاثة أشهر لتسنى له اقتناء وسيلة مواصلات تعفيه من عناء المشي في بلد شتاؤه صيف وصيفه جهنم.
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2007...1230162516.htm