لماذا نكذب على الرأي العام ؟!!
د. عبدالله الطويرقي

يعلم الله انني استاء كثيرا عندما يتجرأ مسؤول إعلامي او قيادي فى جهاز حكومي لتزيّيف واقع او حادثة ليجمّل حال جهازه على حساب الحقيقة ووعي الناس.. ويعلم الله انني لا استوعب حتى اللحظة ممارسة الكذب بكل دم بارد على الرأي العام فقط من اجل سواد عيون المسؤول الأول للقطاع لتجنيبه المساءلة من ولاة الأمر وإظهاره بمظهر يسر الناظرين بصرف النظر عن حق البلد العام وحقوق الناس.. إلى متى يمارس هذا التلميّع والتجميّل البشع لصورة قطاعات اخطاؤها بطول قطار واداؤها عليه مليون علامة استفهام وليس لدى القياديين فيها اية بوادر جادة لإصلاح قطاعاتهم من الداخل؟! إلى متى يستغفل الناس وتسطّح عقولهم ويتلاعب بوعيهم بهذا الأسلوب الممجوج الذي لايعترف بقيمة حتى البني آدم ولسان حالهم يقول لا حقيقة إلا ما نقول ولا حق إلا ما نعترف نحن به وكل ماعدا ذلك لا يستحق حتى التفكيّر..؟!! والله شيء محزن مع كل طفرات الوعي الذي تعيشه البلد ان تبقي قطاعاتنا العامة على اساليب التكذيّب والنفى لما تنشره وسائل الإعلام وما يرفع به المراجعون والعاملون من شكاوى وتظلّمات من اداء هذه القطاعات من وقت لآخر؟!! ومحزن اكثر الا تحاسب هذه القيادات الإعلامية فى قطاعاتنا العامة وهي تمارس كل هذا التسفيّه والتسويّق الرخيص المنافي لكل منطق والذي لا يسنده واقع بكل اسى؟!نحن اليوم بحاجة لأجسام أخلاقية لعمل العلاقات العامة وبحاجة اكبر لمنظّمات غير حكوميّة تقنّن لمعايير الأداء المهني المقبول فى مجتمع المؤسسات وتراقب وتواجه كل اشكال الاستغلال للنظام الإعلامي فى البلد لحماية المال العام ومكتسبات الوطن والمواطن.. فالتستّر على الأخطاء المؤسسية مسألة غير مقبولة والدولة رعاها الله تجاهد اليوم من اجل شفافية الأداء ومحاسبة أي مسؤول يتخلّى عن مهامه الوطنية التي انيطت به وبقطاعه تحت أي بند كان لأن هذا حق ومسؤولية مجتمعية من غير المقبول التنازل عنها.. المصيبة الكبرى تتمثّل فى ان هذه الأجهزة اصبحت جدا ذكيّة فى مسألة تحسين صورتها على حساب الحقيقة طبعا، وبأسلوب إيجاد تخاريّج تغطيّة ذات طابع قانوني وشبه نظامي لمكاسب مؤقتّة للأسف.. شيء مخيف ان يصرف على الرأي العام كل هذه الأساليب الفجة من جهات حكوميّة رسمية وفى خروقات اداء وممارسات يتضرّر منها مواطنون ويتضرّر معها المال العام، ولا يوجد أي معيار لمحاسبة من يستخدم الإعلام للتغطيّة على قصور مسؤولين واجهزة ترتبط بمصالح واحتياجات الناس..
السؤال هو هل هي مسؤولية الصحافة مثلا ان تراعي ما تضخه هذه الجهات بلا تمحيّص ودونما إعطاء فرصة عادلة ومساوية لكل الأطراف لعرض وجهات نظرها ومواقفها على الرأي العام..؟! هذا شيء وارد وربما مطلوب اليوم اكثر من أي وقت مضى لتمارس الصحافة مسؤوليتها الاجتماعية الحقيقية فى تصحيح اداء ومسارات عمل وانتاج وعلاقات الأجهزة الخدمية والشعبية بما يوازي طفرات وعينا ونمونا الاجتماعي السياسي المؤسسي.. ووجود جمعيات إعلامية واتصالية معنيّة بمعاونة جهود الدولة للإصلاح وبمعايير مهنيّة صارمة.. قناعتي انه لابد من ذلك فأصحاب الحاجات اليوم فى غير مقدورهم مواجهة اصحاب المصالح والسلطات المؤسّسيّة، ومسؤولية المجتمع تنميّة هكذا ممارسات لصالح البلد ومن اجل غد افضل فى كل شيء.


http://www.alyaum.com/issue/article....0&I=547428&G=1