جهير بنت عبدالله المساعد
إعلان البراءة المرفوض!!
في بادرة لا تحدث الا في عهد نصير الضعفاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يضع نفسه موضع أضعف فرد من شعبه فيسمع أنينه من ارتفاع الأسعار، ثم يأمر المسؤول المباشر وزير التجارة بصد وحش الغلاء عن الناس، فما كان من معاليه الا أن يُحمّل التجار المسؤولية فقام هؤلاء المتاجرون بالرز باعداد اعلان براءة نشرته بعض الصحف، نفضوا فيه أيديهم وأخلوا مسؤوليتهم، فما فائدة الاعلان؟ هل يعني أن على المواطن قبول الحال على ما هو عليه؟! أو يعني أنهم شركاء في المسؤولية وعليهم اتباع منهجية القيادة في التكافل والتراحم وعدم الاستغلال للقيام بالواجب!!
في اعتقادي أن من الخطأ اعتبار المسألة تتلخص في ارتفاع أسعار الأرز كغذاء شعبي مطلوب لأن السعوديين لا تعجزهم الوسيلة للبحث عن البدائل، وكم مرت عليهم أزمان وأزمان أكلوا فيها الجريش والقرصان والمراصيع والمرقوق وكلها وصفات طعام شعبية ابتكروها كبدائل للرز مما يدل على أن الحكاية عندهم ليست السعر الغالي أو الرز الذي لا بديل عنه! انما الحكاية الحقيقية والواجب تفهمها أن الاعتماد على تسطيح العقول وتسفيه فهم الناس والتلاعب بأرزاقهم وأقواتهم وفرض أسعار عليهم بقوة التجارة الجشعة وكأنهم لا يفقهون وبالتالي لن يعترضوا، لم يعد لها مكان بين وعي الناس ولم تعد تليق بعصرهم الحالي! من الصعب ان يعتبر التجار الانسان السعودي طفلا مدى الحياة! لأن الاطفال يكبرون وقد تدهشهم الحكايات الطفولية القديمة ويصدقون وجود أمنا الغولة، أو مصباح علاء الدين أو أو.. لكنهم إذا كبروا لا يصدقون ولا يندهشون!! واليوم الانسان السعودي لا يعاني من ارتفاع الأسعار فقط، بل ان اصل معاناته تتمثل في تهميش حقه بالمعرفة، حقه في التساؤل: لماذا هذا الغلاء، وحقه في سماع الاجابة من مصادرها دون لف ولا دوران! هو لم يرفض ارتفاع الاسعار انما الرفض في الأصل ان الغلاء حدث أمام عينيه وليس مطلوبا منه أن يفهم. كل المطلوب منه أن يدفع!! لا احد شرح ولا أحد فسر ولا أحد نبّه، وليس هناك أي نوع من التوعية او التواصل بينه كمستهلك وبين المتاجرين برزقه! أي الذي يطالب به الانسان قبل الاثمان الاعتراف بقدرته على التمييز وبحقه المشروع في المعرفة والفهم. وهذا ما أشار اليه سمو وزير الداخلية حين قالها صريحة على وزارة التجارة مكاشفة الناس ومصارحتهم!
أما إعلان البراءة المدفوع بتوقيعات كبار تجار الارز.. فهي ليس دليلا على تصديهم للمسألة.. بل دليل على تفريطهم فيها.. فان يكون الغلاء مرده ارتفاع أجور الشحن البحري مثلا.. فالسؤال يتعلق بالبضائع الموجودة في المخازن والتي ارتفع سعرها رغم شرائها بالسعر القديم! فهل يريد تجارنا الأذكياء أن يفهم كل الناس ان مخزونهم من الرز نفد تماما حتى ارتفع السعر!! وهل يعني ذلك ان مخازنهم كانت خالية انتظارا لما تأتي به الهند!! أم أن الهنود تحسن مستوى معيشتهم وصاروا يأكلون أجود أنواع الرز؟ فهل يعني هذا أن السعودي الذي بلغ معدل نمو اقتصاده الوطني 4.3% وبلغ فائض ميزانيته (290) مليارا خلال عام (2006م) هو الذي انخفض مستوى معيشته وعليه أن لا يأكل الارز؟! بعض الاعلانات تود لو تقول لها قل خيرا أو فاصمت!
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2007...1009144994.htm