أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-08-2015, 03:09 PM   #1
الورّاق
مقاطع جديد

 
رقـم العضويــة: 20031
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشـــاركـات: 42

افتراضي افضح الشيطان 2

لاحظ قوله تعالى (إن الشيطان ينزغ بينهم) ، أصل كلمة النزغ هو الطعن ، و النزغ بعكس النزع ، مثل من يطعن بحربَة شخصين متقاربين جدا ، فهي تضرهما معاً بنفس الدرجة ، فمثلا يوسوس لك أن صديقك لا يحبك و نفس هذه الكلمة يقولها لصديقك ، أو أنك تزعجه ، فيقول نفس الكلمة للآخر ، حتى يبني فاصلا بينكما ، تماما مثل النمامين ، والشيطان إمام النمامين.

الشيطان كل نزغاته على عكس الموجود ؛ فعندما يرى شخصين متفاهمين مع بعضهما ينزغ بينهما بأنهما غير متفاهمين ، أو يحبان بعضهما فيكون النزغ بعدم المحبة .. أو يثقان ببعضهما فيكون نزغه بعدم الثقة وهكذا ..

كل وسوسة الشيطان مبنية على العكس .. حتى تزيين الشيطان مبني على عكس الطبيعي ؛ فالقبيح يجعله جميلا ، والجميل يجعله قبيحا .. وهذه هي الطريقة التي يفهمها الشيطان و نفهم الشيطان بها . والعداوة تعني المعاكسة ، والله قال (ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) ، والعدو عليه ان يعرف عدوه ويعرف تخطيطه و تفكيره ، ولا يكفي ان تقول ان الشيطان عدو لك بينما أنت لا تفكر في كيفية عمل الشيطان و مخططاته عليك وعلى غيرك . اما من لا يبحث عن عدوه ولا يفكر كيف يفكر ، فهذا من الأمن للعدو ، والذي يُؤمَن له هو الصديق وليس العدو .

ربما يكون معنى وسوسة الشيطان أي على الشخص فقط ، بينما النزغ يكون بين الإثنين أو اكثر .. و الشيطان يعرف الطبيعي (الخير وطريق الله) و يعكسه ، فقد قال تعالى على لسان الشيطان : (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) ، اي انه يعرفه ، وسيقعد عنده ليصد عنه كل من اقترب منه إن أطاعوه ، وطبعا سيحتاج الى المعاكسة .. و نحن نفهم الطبيعي من الصناعي ، ونعرف الحق من الباطل ، اي نعرف الخير من الشر ، ولا نستطيع معرفة الخير بذاته ، و بضدها تتميز الاشياء . و هكذا يكون الشيطان خادماً للمؤمن من حيث لا يريد ، لأن معاكسته في كل خطواته تؤدي الى طريق الله . اذن علينا ان نعرف كل خطواته حتى نعاكسها .

من هنا نفهم حكمة الله في وجود الشيطان ؛ لأن علاماته الكثيرة و خطواته تدل على الخطوات الصحيحة بمعاكستها ، و الشيطان لا يُضل إلا أتباعه ، إذن هو وسيلة لهداية من لا يتبعه .

من أساليب تخريب الشيطان أنه يُدخل عليك مسلّمة من حيث لا تشعر، ثم ينكّد عليك منها ، مثل ان تقبل كلاما بدون نقاش و تتبع على عمى . اذن دائما ناقش الشيطان في المسلمات ، و على المؤمن ان يدير حوارا مع وسوسة الشيطان ليكشف زيفها ، ولا يدعها تمرّ هكذا . سيجد ان هذا الحوار مع الشيطان سيحتاجه في حواره مع شياطين الانس ، لأن المصدر الصناعي واحد (طريق الشر) . مع أن الشيطان خنّاس ولا يصمد للمناقشة ولا للإستعاذة .

الشيطان غبي ؛ لأنه يجمع متناقضات بجانب بعضها و يستخدمها في الوسوسة ، و وسوسته عبارة عن بطاقات متكررة يُخرج منها ما يناسب الموقف على شكل لمحة ، كفكرة أو منظر ، أي بالتعبير القرآني (همزة) ، توهمك أنك أنت الذي طرأ عليك هذا الخاطر ، ولو أطال الكلام لانكشف ، لهذا هو لا يكثر الكلام والشرح حتى لا ينكشف غباؤه ، يريدك أن تـُكمل أنت ..

لاحظ دقة التعبير القرآني : همزات ، فهي تعني : دفعات متقطعة ليست متواصلة .. وهذا ما أوهم الكثيرين باعتقاد ان اصل الانسان شرير ، كما بنى عليه فرويد فكرة العقل الباطن الشهواني الشرير المتوحش ..

و لو جمعتَ بطاقات الشيطان مع بعضها لضحكتَ من تناقضها .. وأستغرب أن يُسمى الذكي بالشيطان ؛ فالشيطان اغبى الأغبياء ، بل هو أغبى من شياطين الإنس . لأنه عرف ربه و رأى جهنم وفعل ما يضره و على علم كامل ! بدافع الكبر ، و لم يكن بينه وبين النجاة من العذاب الا سجدة يطيع بها ربه . وهو يعمل ليلا و نهارا بدون اية فائدة له ، لأنه رجيم و مأواه جهنم . أليس هذا أغبى الأغبياء ؟

الشر دائما مرتبط بالغباء ، بل الاشد شرا هو الاشد غباء والعكس بالعكس (قانون) ..

تجد الشيطان مثلا يقول لشخص : أنظر لفلان إنه لا يحبك ، و إذا نظر إليك قال : أنه يجاملك ، وهكذا يهمز على شكل فكرة أو صورة ، و الفكرة إما مُطمِعَة أو محزنة أو مخيفة .. لكن عاقبتها سيئة ، وهكذا كل فكرة من الشيطان فكّر في عاقبتها حتى تعرف هل هي من الشيطان ام لا ، اي قيّمها ..

والله تعالى قال (اتخذوه عدوا) ، فالله أمرنا باتخاذه عدوا، و افكار الشيطان ليس عليها نور ولا عاقبتها جميلة اذا تتبعتها في ذهنك .. و العدو لابد أن تتجسس عليه وتكشف أسراره ، فالشخص لابد ان يجعل نيته حرب الشيطان و معاكسة ما يريد ، و ذلك طول حياته ، مثلما جعل هو حياته كلها لعداء بني آدم ..

الشيطان إذا عجز عن تخريبك بالوسوسة ، يتجه للتخويف ، فإذا لم ينجح ، اتجه للتحزين ، و إذا عجز عن ذلك استخدم اسلوب اظهار الصور القبيحة من باب التنكيد ، لأنه يشعر بالغيظ ، و هذه اخر مرحلة له و هي علامة فشله معك ..

بداخل كل انسان شعور وعقل و شيطان ، و كلهم يعملون و يدورون طول الحياة ، فالشيطان مع المؤمن ينكد عليه ، ومع غير المؤمن يخطّط له ، فمن كانت علاقته جيدة بالشيطان فهذه علامة أنه أصبح سيئا .

يبدو ان علاقة الشياطين بالمؤمنين مختلفة عن علاقتهم مع غيرهم ، فالقرآن يقول عن وسوسة الشياطين للكفار بأنها (تؤزهم أزا) ، والأزّ تشجيع و دفع ، مما يدل على اتفاق مبني على السيطرة ، مثل من يتخبطه الشيطان من المس كما وصف تعالى آكل الربا . و يؤيد هذا قوله تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الله نقيض له شيطانا فهو له قرين) .. و القرين في اللغة تعني الرفيق والصديق على غير عداء ، و كما قيل : ( كل قرين بالمقارن يقتدِ) ..

كل منطقة ظلماء و محمية في نفوسنا وعقولنا ، ولا يُراد لها أن تـُدخل ، ففيها الشيطان ..

كيف تـُصلح ما في الظلام وأنت لا ترى ؟ لا بد من نور ، اذا لم يسمح الشخص الذي عنده هذه ، فاعلم ان الشيطان يعمل فيها ، الشيطان يحب العمل في الظلام ، ولا يريد ان يُكشف .

فمثلا : التحجج بالقسوة هي حجة غير طبيعية ، مثل من يتهم أحداً ينصحه فيقول له : انت قاسي علي .. القسوة ليس لها معنى و هي كلمة مبهمة ، والإبهام ظلام .. لا يستطيع ان يقول : انت ظالم أو أنت كذاب أو مخطئ .. لأنه سيُناقش في هذا و ستتبين حجته ، لهذا يقول : أنت قاسي علي .. إن صاحب هذه الحجة هو القاسي وهو الأكثر سوءاً ..

الشيطان يوهمه أنه يُقسى عليه ، ولا يستطيع ان يستخدم كلمة ظلم أو كذب ، لذلك يستعمل كلمة عائمة كالقسوة . القسوة هي حجة لمن لم يجد حجة ، وتهمة من لم يجد تهمة .. التهمة حجّة يلجأ إليها عند الحاجة ، ومن يتهم غيره بالقسوة ، فهو يقول له : "أنت صريح و صادق" .. ما لم يحدد بالضبط والدليل مكان تلك القسوة .. الشيطان يركض في الغموض والظنون ويعمل فيها ..

اذا كانت الفكرة طبيعية وعليها نور ، فالواجب أن نقبلها .. أما غيرها فلا نقبلها . الافكار هي الأهم دائما ، وكل الاشياء الباقية كالقسوة او الثقة أو الظنون او غيرها ، كلها لا معنى ولا قيمة لها .. لا بد أن يُـنظر الى خيرية الفكرة ، هل تؤدي لخير أكثر أم لشر أكثر .. هل عليها نور أم لا .. هذا هو المقياس ..

المنطق الصحيح في الافكار هو الرفض أولا و ليس القبول ، حتى تثبت صحتها .. هذا هو النهج الآمن .. مشكلة القبول انه يبني في كثير من الأحيان على غلط ، وما يبنى على غلط فهو غلط .. قبول الافكار بناء على قائلها و ثقة به هو المشكلة ..

أهم شيء أن تناقش الأفكار حتى تثبت على حقيقتها ، لأن الإنسان لا يعيش إلا على افكار ..

الاوهام هي ما يتصوره الشخص عن نفسه و من حوله ، والخرافات ما يصدق بها المجتمع .

لا تقبل اي فكرة الا مثبتة بأدلتها .. و أي شخص يثبت صفة فيه فعليه أن يثبتها لغيره ..

عندما يتالم صاحب الوهم من اقتراب احد من منطقة الوهم ويتالم و يتهم غيره بالقسوة ، فحقيقة ألمه أنها تخويف من الشيطان لكي لا يقترب منها احد ..

لا نفهم الإنسان إلا من الشيطان (قانون) ..

___________________________

مدونة الوراق

http://alwarraq0.blogspot.com/

تويتر

https://twitter.com/alwarraq0

الورّاق غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:19 AM.