بسبب المياه .. أحياء بكاملها مهدّدة بالانهيار!
كلمة الاقتصادية
كشف المسح الميداني للمخططات السكنية في مدينة جدة، عن أن هناك مخططات هي اليوم أحياء مأهولة قد بُنيت على أراضٍ مغمورة بالماء، وأن تلك المباني والوحدات السكنية مهددة بالسقوط ومصدر خطر على سكانها،
وظهرت بالفعل أضرار شديدة على بعض العمائر السكنية وأدّت إلى عيوب وضعف في الهياكل الخراسانية لتك العمائر والفلل، كما
كشفت عن وجود خلل في أعمال المقاولين الذين غلب عليهم الطبع التجاري الربحي على حساب الجودة وفي غفلة من أصحاب تلك العمائر والفلل، وعدم علم من المشترين لها ومَن آلت إليهم، أما الرقابة على أعمال التنفيذ فإنها غائبة؛
لأن المالك مستثمر يريد الربح؛ ولذا تصبح الجودة ضحية يدفع ثمنها السكان.
إن تركز تلك المخططات المهدّدة بالخطر في شرق الخط السريع، وبُعدها عن البحر يثيران سؤالاً عن مصدر تلك المياه؛ فهي مياه جوفية، إضافة إلى السيول التي شبّعت الأرض بالمياه، وفوق ذلك مياه الصرف الصحي التي يتم تصريفها إلى باطن الأرض لتتحوّل تلك الأراضي إلى تربة طينية لا تستقر عليها المباني؛ ولذا فإن سرعة تنفيذ مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية أول خطوة في سبيل تأمين حياة السكان ومنع وقوع خسائر في الأرواح والممتلكات، لكنها ليست الخطوة الوحيدة؛ إذ يجب وقف تسريب مياه الصرف الصحي إلى باطن الأرض، والتخلّص من تلك المياه بالطرق السليمة وحماية أساسات المباني من الأضرار.
أما السيول واكتمال مشروع تأمين تلك الأحياء من أضرارها، فإنها قصة مشروع ضخم يتجاوز بأهميته مخططاً أو أحياءً سكنية ليشمل مدينة جدة بأكملها، مع أن السيول من مصادر تغذية التربة بالمياه التي تتراكم وتصبح مصدر خطر داهم فوق الأرض وتحتها في ظل تدافع المسؤولية عنها بين جهات عدة، والأهم أنه يجري اليوم توقف في أعمال أمانة مدينة جدة في تلك المخططات مثل السفلتة والأرصفة، والتي لا يمكن البدء بها قبل الانتهاء من مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية؛ لأنها لن تكون ذات جدوى ما لم يتم الانتهاء التام من مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية.
وإذا كان هذا موقف أمانة مدينة جدة، فإن العمل على تجاوز مرحلة الخطر على الأرواح والممتلكات في تلك المخططات المأهولة لا تقرره جهة واحدة، بل تشترك فيه جهات عدة. لكن كيف يمكن طمأنة الأهالي الساكنين في تلك المخططات؛ فالموضوع لا يحتاج إلى سرية، بل لا بد من توضيح أسباب المشكلة وتوعية الساكنين ومُلاك تلك المباني إلى أهمية العمل على تفادي خطر انهيارها والاستعانة بمكاتب هندسية تقوم بدراسة حالة المبنى ومعرفة مدى إمكان تعرضه لخطر الانهيار أو التصدّع، وفي حالة وجود ما يشكل خطراً فإن على صاحب المبنى إخطار الدفاع المدني والاستعانة بمقاول لصيانة وترميم المبنى، وهذا أقل ما يجب فعله متى كان الخطر وشيك الوقوع.
إن الأولوية في التعامل مع الكوارث هي المصارحة بطبيعة الخطر ومدى احتمال وقوعه، وكيفية التعامل معه، وفي مثل حالة المخططات المهدّدة بالمياه شرق مدينة جدة؛ فإن تدرج الخطورة واضحة من حديث المسؤولين في أمانة مدينة جدة، وقد تكون كذلك حتى بالنسبة للمباني فتختلف من مبنى إلى آخر، وهذا يتطلب طمأنة السكان إلى أن المشاريع الخدمية لتلك المخططات يتم تنفيذها، وبعضها ستتم ترسيتها قريباً، أما الحالة الخطرة فإنه يجب التعامل معها بحزم لحماية الأرواح والممتلكات ولوضع حد لدرجة التخوّف التي قد ترتفع إلى درجة لا يمكن السيطرة عليها لو انهار مبنى واحد فقط.
http://www.aleqt.com/2013/02/04/article_729531.html