02-09-2012, 09:28 AM
|
#1
|
الإدارة
رقـم العضويــة: 94
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: جده, السعودية
المشـــاركـات: 17,549
|
العام الدراسي والتنقل داخل المدن الكبيرة
العام الدراسي والتنقل داخل المدن الكبيرة
علي الخبتي
2012-09-02 2:08 AM
وجود وسائل مواصلات عامة داخل مدننا لم يعد ترفا، إنه ضرورة.. فيها جوانب اقتصادية مهمة، تتمثل في الحد من استيراد السيارات، والحد من زيادة صرف المواطنين وتوفير الوقت وإنجاز الأعمال
في هذا الأسبوع بدأ العام الدراسي ودعاؤنا لبناتنا وأبنائنا الطالبات والطلاب، ولزملائنا المعلمين والقائمين على التعليم بالتوفيق وسداد الخطى وبعام دراسي ناجح تتبعه أعوام دراسية تتحقق فيها آمال الوطن وطموحاته.. وهنا لن أتحدث عن الاستعدادات ولا عن التعليم وما أنجز وما لم يُنجز، لكنني سأتحدث عن قضية مؤرقة تتزامن مع موسم الدراسة، تكرر ونعاني منها جميعاً نحن الذين قدر لنا أن نعيش في المدن الكبيرة. هذه المشكلة تكمن في صعوبة التنقل وازدحام الطرق ووقوف السير في الطرق الرئيسية وما يصاحب ذلك من شعور بالمعاناة والضيق واستهلاك الوقت. تتكرر المشكلة كل عام، ويتكرر الحديث عنها. والسؤال البديهي هو: ما هو سبب هذه المشكلة؟ السبب في ظني غياب وسائل النقل العام الذي أدى إلى ازدحام الطرق. هذه المشكلة تسببت في ارتفاع أعداد السيارات في شوارعنا عاماً بعد عام، مع النقل العام المترهل، وإلى تأخر وصول الموظف والمراجع، وعدم تمكن أي شخص من أداء أكثر من عمل واحد لمشوار واحد في اليوم، كما أدت إلى زيادة استهلاك البنزين في بلادنا.. هل فكرنا في كل ذلك وجمعنا الخسائر من الوقت والجهد والمال، ومعاناة الناس؟ هل فكرنا في كل ذلك بموضوعية متناهية لنجد أن أسباب كل ذلك تعود إلى غياب مواصلات عامة محترمة كتلك الموجودة في جاكرتا مثلا.. ونيودلهي وربما في الخرطوم وصنعاء؟ ولن نقول في لندن ونيويورك وبرلين، فهذا حلم أكبر من وزارة التخطيط في بلادنا، وأكبر من رؤيتنا وإمكاناتنا، ومن رؤية المسؤولين التنفيذيين الكرام وأكبر من خططنا. ونسأل: وقد بدأ العام الدراسي وبدأت مشكلة ازدحام الشوارع بالسيارات وبدأت صعوبة التحرك في المدن الكبيرة: لماذا تأخر وجود (الأندرقراوند) في مدننا؟ ولماذا يقتصر الأمر على وجود شركة نقل عامة واحده تركز على الربحية بوجود خطوط بين المدن وليس داخلها؟ لماذا نصر على وجود وسائل نقل مترهلة بهذا الشكل الذي ترونه في شوارع مدننا الكبيرة، ونحن في الممكلة بمكانتها المعروفة وإمكاناتها العالية؟ لماذا أيها المسؤولون عن وجود هذا النقل لا نبدأ من الآن.. أين المشكلة؟
أين مراكز بحثنا من دراستها؟ وأين خططنا الخمسية؟ ولماذا لا توضع على الطاولة للمناقشة: ما نفذ منها ومالم ينفذ؟ ويكافأ الجاد ويُدفع المقصر دفعاً إلى خارج أسوار العمل.. لماذا نسكت على خطط لم يتم تنفيذها ولا نعرف أسباب عدم التنفيذ؟ سأحلف بالله إن السبب هو وجود مسؤول ليس كفؤ على رأس كل عمل لم يتم إنجازه بالشكل المطلوب.. كلنا نعرف أننا نقضي ساعات طويلة خلف المقود للذهاب والعودة إلى عملنا، وإذا كانت لدينا لجان أو اجتماعات خارج أوقات الدوام فمعنى ذلك زيادة في الوقت وبالتالي في المعاناة.. ثم انظروا إلى من هو بجانبكم في الطريق ترون سيارات حمولتها سبعة أو تسعة أشخاص وفيها شخص واحد فقط يزاحم السير ويرفع نسبة استخدام الوقود، ويزيد من عدد السيارات في شوارعنا كل عام.. ومعه الحق بل كل الحق لأنه لا بديل لديه. الشباب والشابات المعينون للتو.. كيف يصلون إلى أعمالهم؟
أولاً الاقتراض، وهذه مشكلة.
ثانياً البحث عن كفيل وهذه أخرى.
ثالثاً الإرهاق بالديون،
ورابعاً ارتفاع عدد السيارات كل عام، ومع كل تعيينات جديدة. نسبة مطردة، أي كلما زاد عدد المعينين والحاصلين على وظائف تفاقمت مشكلة طرقنا وازدحمت بأعداد السيارات وزاد استيرادنا لها كل عام. المراجع لا يستطيع أن يقوم بأكثر من عمل في اليوم الواحد، وهذا هدر للوقت، فالمراجع مسؤول عن عمل أو عن كسب رزق أو شيخ كبير يرهقه طول الوقت الذي يقضيه في التنقل لمراجعة مصالحه. إنها مجموعة من الخسائر التي تعود على الوطن بكثير من السلبيات التي كان يمكن تداركها لوكانت لدينا وسائل مواصلات محترمة داخل مدننا، توفر على وطننا ومواطنينا كل تلك المعاناة الاقتصادية على مستوى الوطن والفرد.
أؤكد لكم لو كانت هناك دراسة ووضعت كل هذه العوامل في الحسبان بتفصيل علمي لا يقبل الجدل لأصبنا بالذهول، ولشعرنا بالندم الكبير في عدم وضع وسائل النقل العام ضمن أولى الأولويات. لدينا مشكلة ولا أزعم أنني أول المكتشفين لها أو المتحدثين عنها. إنها مشكلة تَحركنا بجدية متناهية كردود أفعال وليس كمبادرات، وهذا في عرف كل العارفين ينم عن رؤية قاصرة، وعجز كبير. فليس المهم هو تصنيف الأولويات في جداول أعمالنا، بل في جدول الأولويات. وتعني الجدولة أن تأخذ الأولويات رقمها في التنفيذ، الأهم فالأهم.
من المؤكد أن زيادة استيرادنا من السيارات وزيادة استهلاكنا من البنزين وزيادة صرفنا من الوقت الذي يمكن توفيره حتى ولو في الراحة.. وزيادة معاناتنا وضغوطنا أثناء سيرنا في طرقنا؛ تعد خسارات عديدة ومتوالية يمكننا تجنبها.. ثروتنا التي أنعم الله بها علينا سوف تمكننا بعد الله في استغلالها قبل نضوبها، بوضع بنى تحتية ضمن دراسات وخطط يقوم عليها مؤهلون جادون يعرفون لماذا يتأخر تنفيذ خطتنا واحدة بعد أخرى ويوجدون لها الحلول التي تضمن عدم تأخر تنفيذ أي خطة قادمة. سنكون نحن الذين نمسك بزمام المسؤولية في هذا الجيل أمام تقييم قاس من قبل الأجيال القادمة، وأمام التاريخ، فالتاريخ لا يرحم الكسالى والمقصرين.. فلنكتب التاريخ الآن.. التاريخ الذي نريده لأنفسنا ونرضى أن تقرأه الأجيال القادمة عنا.
وخلاصة القول أن وجود وسائل مواصلات عامة داخل مدننا لم يعد ترفا.. إنه ضرورة.. فيها جوانب اقتصادية مهمة جداً تتمثل في الحد من الاستيراد والحد من زيادة صرف المواطنين وتوفير الوقت وإنجاز الأعمال، وراحة نفسية للمواطن، وهذا جـانب مهم يُمَكِّنْ الـجميع من وصولهم لأعمالهم مرتاحين مما ينعكس إيجاباً على العمل نفسه. والفرضية تقول ـ كما أسلفت ـ لو أن هنـاك دراسة لكل هذه الـعوامل لأصبنا بالذهول من نتائجها ولندمنا كثيراً على تأخرنا في وجود وسائل مواصلات فاعلة داخل مدننا. أعرف أن هناك أحاديث منذ زمن عن هذا الموضوع لكننا تأخرنا ونحن نتحدث.. "وطال المطالي يا مواصلات تعالي"!
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=13344
|
|
|
|
|
|
|