صناديق الخيال !
خلف الحربي
ما أكثر الصناديق حين تعدها ..ولكنها وقت (الصحيح) قليل!، لدينا صندوق للموارد البشرية وصندوق للتنمية الزراعية وصندوق لدعم الحرف اليدوية وصندوق لدعم المشاريع الصغيرة ...إلخ إلخ إلخ ، مستودع هائل من الصناديق التي تحتوي على ملايين بل مليارات الريالات وجدت لدعم المواطن عن طريق منحه قروضا ميسرة وأحيانا دورات تأهيلية وفرصا وظيفية كي يتمكن من رفع مستواه المعيشي بما يتلاءم مع متطلبات السوق ، ولكن للأسف الشديد لا يوجد أثر فعلي لهذه الصناديق على أرض الواقع لأن
القائمين على هذه الصناديق يتمتعون بسعة الخيال ويعشقون الحلول التي لا تخطر على البال، ولأن الواقع لا يتصالح مع الخيال الواسع فقد أصبحت الفائدة من هذه الصناديق افتراضية ! .
لاحاجة لأن أضرب لكم مثالا بواحد من أكبر هذه الصناديق شأنا وهو صندوق الموارد البشرية الذي شطح الخيال الواسع بالقائمين عليه مسافات بعيدة (من هنا حتى جاكرتا تقريبا!) حين أتحفونا بفكرة توظيف المواطنات خادمات في البيوت تحت مسمى وظيفي لطيف: (عامله منزلية) ، فهذا الصندوق بالذات يحتاج إلى حكايات وروايات ومراجعة مافات وما هو آت ..وخصوصا مبدأ توجيه الدعم المالي إلى الشركة التي تشغل المواطنين بدلا من توجيه الدعم إلى الموظف مباشرة فهو المواطن المعني بالدعم ! .
بل سأحدثكم عن صندوق التنمية الزراعية فالقائمون عليه لا تنقصهم سعة الخيال أيضا ، فقد نشرت«عكاظ»
تصريحا لمدير الصندوق أعلن فيه عن مبادرة تحوي 400 ألف وظيفة معظمها للنساء في مجال صيد الأسماك ! ،
وهذا الخبر بالذات فجر غضب إحدى الأخوات فأرسلت وعيناها تتطايران شررا : (أنا طالبة هندسة وما أريد أن أسمعه هو دعم المهندسات وتوظيفهن ، دعم الباحثات والأكاديميات والطبيبات والمحاميات والإعلاميات وليس دعم صيادات الأسماك، أرجوك أين صيادات الأسماك؟! ..لم أرَ واحدة منهن في حياتي ! ، أعلم أن مدير صندوق التنمية الزراعية غير معني بمجالات الهندسة والصحة والمحاماة ولكن أعتقد أن مثل هذه التصريحات لجذب الفلاشات والبحث عن الأضواء الإعلامية..أرجو أن يتوقف هذا الزيف الإعلامي الذي ينكأ جراحنا العميقة ) .
قد يبرر مدير صندوق التنمية الزراعية بأن عمل المرأة في مجال صيد الأسماك لا يعني بالضرورة أن تكون صيادة ، فقد تعمل في مصانع تعليب الأسماك الافتراضية ، أو قد تقوم بتنظيف الأسماك التي يجلبها الصيادون الرجال من البحر فتعثر أثناء عملية التنظيف على الخاتم السحري الذي يعيد رسم مستقبلها الوظيفي! ، ولكن في كل الأحوال فإن 400 وظيفة نسائية على الشاطئ في مجال صيد الأسماك تعني وجود عدد مماثل من الوظائف الرجالية في عرض البحر ! .. ياله من خيال جميل ! .
أما بنك التسليف فهو يتميز على كل الصناديق الأخرى بأنه لا يملك ذرة من خيال ! ، فقد تقدم له مواطن بمشروع وهو يحمل التخصص المطلوب ومطابق لكل الشروط ولكن البنك رفض تمويل مشروعه المبتكر لأنه يدخل في خانة مشاريع تجارة التجزئة القائمة على البيع والشراء التي لا يمولها البنك
، وهو يتساءل : أليست كل المشاريع في الدنيا قائمة على البيع والشراء ؟ ، وهل يتخيل بنك التسليف حجم العمالة الوافدة التي تسيطر على تجارة التجزئة والتي يرفض دعم المواطنين فيها ؟ ..
لا أعتقد أن البنك يريد أن يتخيل ..فهو أمام مسطرة لم تتحرك منذ زمن بعيد ! .
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0514502987.htm