الجيزاوى.. من المستفيد؟!
فراج أسماعيل
http://almesryoon.com/permalink/5856.html
عندما يمتد الانفلات وعدم احترام القانون والتهييج إلى التأثير على علاقات مصر الدولية بالتهجم على السفارات ومحاولة اقتحامها، فهذا لا يعكس الثورة وإنما الفوضى التى أصبحنا عليها.
ما حدث ضد سفارة السعودية وقنصلياتها فى مصر خلال الأيام الماضية مؤشر خطير على خضوع الدولة للابتزاز واستسلامها لقوى الضغط التى تدعى أنها الثورة، وما هى إلا شراذم مشكوك فى ولائها للوطن ومصالحه، ذلك الوطن الذى أصبح ميدانًا سهلاً للعشرات من أجهزة المخابرات التى تعبث فيه وتدفع بالعناصر المخربة التى تحولت من استهداف المصالح الحيوية الداخلية إلى علاقات القاهرة بدول شقيقة ومجاورة تشكل علاقتنا معها، أهم عناصر الأمن القومى المصرى، وتكرر تحديها للقوانين المحلية مع قوانين الدول الأخرى.
أساءت الجهات المختصة فى مصر التعاطى مع أزمة الشاب أحمد الجيزاوى الذى تؤكد السلطات السعودية أنها ضبطت معه أقراصًا محظورة تصنف ضمن المواد المخدرة،
فقد تركت الإعلام المغرض يعبث ويزيد على النحو الذى رأيناه فى قناة (أون تى فى)، خصوصًا برنامج الإعلامى يسرى فودة الذى لم يكن مهنيًا أو موضوعيًا على الإطلاق بعرضه مقطعًا من الـ"يوتيوب" واضح أنه صنع خصيصًا لصب المزيد من البنزين من أجل حرق العلاقات المصرية السعودية التى صمدت طويلاً فى مواجهة محاولات داخلية وخارجية لتمزيقها.
المسألة هى انفلات وفوضى ولىّ ذراع القانون، فأحمد الجيزاوى يتم التحقيق معه أمام القضاء السعودى، وكانت الحكمة تقتضى سلوك السبل القانونية المعروفة، وهو ما تتعارف عليه دول العالم والقنوات الدبلوماسية، لا أن يترك الأمر للتهييج الإعلامى الذى كذب، فوصف الجيزاوى بأنه ناشط سياسى من أبناء الثورة، وأن السعودية اعتقلته لأنه رفع قضايا عليها بشأن مسجونين مصريين، وأن هناك حكمًا صادرًا ضده بحبسه عامًَا و20 جلدة، زعم الإعلام المهيج أنها ستنفذ يوم الجمعة الماضى.
مزاعم تم دحضها بسهولة، فالسعودية ولا أى دولة يمكنها أن تحاكم مواطنى دول أخرى على أشياء لم تحدث على أراضيها، كما أن هناك وسائل قانونية معروفة لمن تتم محاكمتهم غيابيًا، كإبلاغ الإنتربول والإعلان عن القضية علنًا كما حصل من مصر مع المواطن السعودى الشيخ عوض القرنى فى قضية التنظيم الدولى المفبركة فى عهد مبارك، والتى بُرئ منها مؤخرًا، وحينها لم تثر السعودية أى أزمة رغم أن الرجل لم يزر مصر مطلقًا.
ترك السفارات فريسة سهلة للغوغاء يضر بسمعة مصر فى العالم ويجعل منها دولة غير آمنة للبعثات الدبلوماسية، فإذا كان هذا حال البعثات التى تحظى بالحماية الأمنية، فكيف يمكن للسائحين أن يجدوا الأمان؟!
ومن الغريب أن وزير الخارجية الذى لا أعرف اسمه، خضع لتهييج يسرى فودة فى قناة (أون تى فى) فوصف السفير المصرى فى الرياض بالتسرع وعدم الحكمة عندما تحدث عن الاتهام الذى يواجهه الجيزاوى واعترافه بحيازته للأقراص المخدرة وهو اعتراف مسجل بالفيديو مع إقرار مكتوب بخط يده، وحققت الخارجية المصرية مع السفير.
تبقى ملحوظة مهمة وهى أن فتنة الجيزاوى أشعلت بعد وقت قصير من إعلان الدكتور الجنزورى عن دعم السعودية لمصر بمليار دولار ضخته فى البنك المركزى لدعم احتياطى من النقد الأجنبى الذى يتدهور سريعًا شهريًا نحو السقوط الكامل.
صاحب المصلحة فى هذا السقوط التقط الطعم وأشعل الفتنة سريعًا.. فكيف فشلت وزارة الخارجية فى قراءة المشهد وتصرفت معه على أنه موضوع "تعبير" فى برنامج يسرى فودة؟!
arfagy@hotmail.com