قرض أم أرض أم مسكن مريح في فضاء فسيح؟
م. حمد اللحيدان
كتب الشيخ فهد المبارك الأربعاء الماضي في جريدة ''الرياض'' مقالا بعنوان ''عضو مجلس الشورى لطفاً اقرأ مقالتي''، أوضح فيه حلا رائعا لمعضلة السكن التي تؤرق شرائح كبيرة من المجتمع، وأوضح بلغة الأرقام ماذا يعني إقرار بدل السكن لموظفي الدولة بما يعادل مرتب ثلاثة أشهر؟
وذكر أنه يعني تخصيص الدولة ما يقارب من 45 مليار ريال من ميزانيتها مساعدة لإسكان موظفيها الذين يزيد بند مرتباتهم عن 185 مليار ريال. وقال: وبهذا القرار سيحصل الموظف الذي يبلغ راتبه 25 ألف ريال (ولا يعاني مشكلة في توفير السكن) على مبلغ سنوي قدره 75 ألف ريال، بينما سيحصل الموظف الذي مرتبه ثلاثة آلاف ريال على مساعدة سنوية قدرها تسعة آلاف ريال، وأما الفقير المعدم الذي ليس له وظيفة فلن يجد من هذه الـ 45 مليارا ريالا واحدا.
ثم ذكر الحل بلغة الأرقام أيضا فقال: إن تقسيم 45 مليارا بالتساوي على 18 مليون سعودي الصغير والكبير الذكر والأنثى، يؤدي إلى حصول كل فرد على مساعدة إسكان قدرها (2.500 ريال سنوياً)، فإذا ضاعفنا المخصص لرب الأسرة وزوجته لكل منهما خمسة آلاف ريال سنوياً فإن هذه المساعدة ستسهم بشكل فاعل في توفير بيئة عيش كريمة لسكن الأسر السعودية كافة.
وأجد أن هذا الحل مناسب لشرائح المجتمع ككل، وهو إن كان لا يبني سكنا فإنما يخفف من عنائه ويجعل الجميع ينعمون بهذا البدل ويستفيدون منه في تخفيف الإيجارات.
ولعلي أضيف وبلغة الأرقام أيضا حلا آخر طرحه لي الزميل الدكتور زياد السويدان قد يسهم في تملك أفراد المجتمع سكنا كريما في بيئة رائعة وفي فضاء فسيح لمجاورة سكنية لـ 100 ألف وحدة سكنية بضغطة زر.
من جوجل إيرث يمكن لنا أن نجد أرضا قريبة من المدن صالحة للسكن وكبيرة بمساحة 10 كم X 10 كم، ولو كانت على بعد 50 كيلومترا، وهي تساوي بلغة الأرقام 100 مليون متر مربع وبلغة التخطيط الحضري يمكن لنا أن نجعل الخدمات نصف ذلك الرقم ولتصبح لدينا 50 مليون متر مربع، ولو قسمت بمساحة 500 متر مربع لأصبح لدينا 100 ألف قطعة سكنية.
وثم يأتي دور وزارة الإسكان في أن تكون الأرض مجانية من الدولة والأمر الآخر تنشئ لهذه المجاورة شركة عقارية مساهمة تقوم بتطوير هذه المساكن وبنائها خلال مدة ثلاث سنوات.
وبلغة الأرقام لو تم طرحها للمستفيدين ويكون المتر بـ 100 ريال لأصبح لدينا عشرة مليارات ريال. مما تستطيع معه بناء البنية التحتية السليمة لهذه المجاورة السكنية.
وهذا ليس خيالا بل واقع إذا وزعت أراضي حي الجزيرة في الرياض بهذا المبلغ 50 ألف ريال للقطعة التي تم تجهيز البنية التحتية لها بالكامل.
مع أني أميل إلى حل بناء المجاورة السكنية مكتملة بالكامل لا أن تعطى قطع أراض بل يتم أيضا تجهيز المساكن حتى الأثاث من خلال شركات تنشئ المجاورة بكاملها، مما يحفظ للمجتمع أوقاته في بناء المساكن وتجنب التجارب الفاشلة في بناء المسكن، فالجميع يحتفظ بتجارب مؤلمة في بناء المسكن يحاول أن يعيد التجربة لعل وعسى أن ينجح في التجربة الثانية أو الثالثة قبل انقضاء العمر.
أما أن يكون المتر بألفي ريال فإننا نستطيع أن نبني فيها مطارا دوليا ونربطها بقطار سرعته 300 كيلو في الساعة بجميع أنحاء المدن القريبة. لأننا بهذا السعر الذي هو متداول اليوم في أحياء كثيرة من المدن سنجمع من خلاله ليصبح لدينا 200 مليار ريال لهذه المجاورة السكنية!
إن هذا الحل وغيره من الحلول سيولد ضغطا على أسعار الأراضي في داخل المدن لكي تنزل من عليائها إلى أسعار معقولة، حيث إنها اليوم ارتفعت بشكل كبير ما تسبب في توقف كثير ممن حصلوا على قروض من صندوق التنمية لبناء مساكنهم.. إذا ما فائدة القرض والمواطن لا يجد الأرض المناسبة لبناء حلمه الذي كان يحلم به؟
واليوم لم تعد التجمعات السكانية ترتبط بما كانت ترتبط به في السابق من مقومات الحياة كالوادي والعيون والينابيع، بل تقوم على تقنيات ولدتها الطاقة النفطية، ما تسبب في إنشاء تجمعات لا ترتبط بذلك مطلقا، فتجلب الماء من البحار وتسحب المياه من الآبار وهي وإن كانت اليوم ناجعة فلا بد من التفكير في بدائل للطاقة حتى يستمر النماء والتنمية.
http://www.aleqt.com/2011/10/25/article_592755.html