بعد مرور شهور من الراحة و السكينة دبت الحياة مرة أخرى في أساطيل وايتات مياه الشرب التي أصبحت أكثر من الليموزينات في شوارع جده.
فقبل عدة أسابع كان من يمر أمام شيب العزيزية في جده يرى الوايتات واقفة أمام و حول الشيب و سائقيها يتقافزون بين السيارات و هم يستخدمون جميع أنواع الإشارات في محاولة لجذب الزبائن لوايتاتهم التي إستغنى الناس عن خدماتها بشكل كبير بسبب إنتظام ضخ المياه في شبكة المغذية لأحياء جده .. و إن كانت هناك أحياء تعاني أكثر من غيرها.
أما اليوم فقد عادت المعاناة للأحياء و عادت الوايتات تهدر في شوارع جده الراقية قبل الشعبية و اصبحت هناك سوق سوداء لبيع أرقام الطلب عليها في الشيب أوصلت الأسعار حسب ما بلغني لمبالغ تكسر الظهر .. فقد تراوح سعر التنازل عن ورقة الرقم ما بين 200 و 300 ريال .. و معظم من يقوم بذلك سعوديون لأن صرف الأرقام للأجانب موقوف هذه الأيام بسبب الضغط الكبير على الشيب.
حتى خدمة الإتصال عبر الهاتف لطلب "توصيل" وايت أصبحت قائمة الإنتظار فيها تمتد لأيام و ليس لساعات .. أخوكم في الله في محاولات مع جيراني لطلب وايت من أمس الظهر و ما مسك الخط مع جاري إلا منتصف الليل و أعطي موعد حول الساعة 9 صباح اليوم السبت لإتصال سائق الوايت به لأخذ العنوان .. و حتى ساعة كتابة هذا الموضوع لم يحصل هذا الإتصال المنتظر و بائت كل محاولات الإتصال لمتابعة الطلب بالفشل في معرفة أي موعد محدد لوصول الوايت .. فالخطوط إما مشغولة و إما تتلطع على الخط و أن تستمع للرسالة المسجلة المملة لشركة المياه التي تصف فيها رؤيتها المستقبلية التي ثبت حتى الآن أنها "عمياء" .. و أخيرا عندما يتكرم موظف الشركة بالرد تجده أشبه بالببغاء الذي يردد كلمات محددة لا تتعدى "لا أعرف" .. "لاأدري" .. "رقمك في السرى" .. "سيتم الإتصال بك لمن يجي دورك".
عن إذنكم .. مضطر أقطع حبل الأفكار و تسلسل الكلام عشان ألحق أعبي كم جالون موية من محل الموية القريب قبل لا يقفل.