بسم الله الرحمن الرحيم
** أيها الأحبة ....................... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
** خنقتني العبرة وهانت عليّ نفسي وعشت لحظات من اللاشعور محلقاً بفكري وأحاسيسي بين ما أشاهده من واقع مرير لمواطنين من الفقراء والمساكين في حيّ المصانع في الرياض وبين ما يعيشه كثير من الطبقات المترفة من الأمراء والتجار والوجهاء والأفراد ممن لهم قيمة اعتبارية رفيعة أو ممن ليس لهم قيمة ولا وزن في ميزان خدمة الدّين والوطن و توافه الناس ... فوجدت في خضم هذه السكرة أن الأمر مؤلم وخطير وينذر بعقاب من الله لا سمح الله ..
** آه ثم آه ، نساء وشيوخ وفتيات وأطفال يطاردون سيارات القادمين إلى حيّهم والذين يوزعون زكاتهم وصدقاتهم في مثل هذه الليلة (ليلة العيد) وبشكل هستيري ومحموم يعرض حياتهم للخطر من حوادث الدهس والسقوط بسبب تعلقهم بنواحي السيارات من أجل كيس صغير فيه ثلاثة كيلوات من الأرز أو من أجل خمسة ريالات أو عشرة ريالات أو أكثر أو أقل ...
ــ مشاهد هوليودية عشتها وكان دوري فيها متفرجا !! شوارع ضيقة ومظلمة يعلوها الغبار وتملؤها الفوضى في وسطها بيوت قديمة ومتهلهلة ووجوه متلهفة وعيون غائرة ... وقفت عند أكثر من مجموعة فكانت نداءاتهم واستغاثاتهم تعصر القلب كمدا وتضيّق الصدر حزناً وأسى ..
ــ وقفت على قصص قصيرة ومشاهد خاطفة ودرامية مسرحها الأحياء الفقيرة وأبطالها مواطنون فقراء في حيّ من أحياء عاصمة دولة تسبح فوق أكبر احتياطي للنفط في العالم في مجتمع استشرى فيه الفساد والسرقة والرشوة والجشع ..الخ
ــ إقرأوا معي بعض عباراتهم التي سمعتها وأنا في سيارتي وقد قفلت الأبواب ورفعت زجاج النوافذ ولم أترك سوى نافذة صغيرة لسماعهم حيث كان تدافعهم خطيرا ويحتاج منيّ بعض الحماية فعلا :
ــ الله يخليك ما عطيتني شئ ..!!
ــ أنا أبوي كفيف .. والله العظيم إني صادقة ..!!
ــ تكفى عطني كيس واحد بس ..!!
ــ الله يرحم والديك ويخلي لك عيالك عطني لو عشرة ريال ..!!
ــ ياوليدي عندي ثمانية بالبيت لا تخليني ..!!
** وحين حركت السيارة بصعوبة هاربا منهم وحين ابتعدت قليلا وإذا بطفل لا يزال متعلقا بالسيارة ويطرق نافذة الباب الجانبي (خلف السائق) فتوقفت بسرعة خوفا من سقوطه لكنه لم ينزل وأصرّ على طلب أي شيء أي شيء كما رددها لي ولم ينزل منها هذا الطفل (9 سنوات) تقريبا إلا بشيء كما يقول ..!!
** ذهبت إلى أكثر من مجموعة وأكثر من شارع لأن بعضهم يقفون عند أبواب بيوتهم (تعففا أو حياءً) ولا يخرجون إلى مدخل الحيّ الذي يعج بكثير من أهله وكانوا على نفس الحال ونفس الدراما المعيشية .
** نصيحة محب :
ــ جربوا أن توزعوا زكاتكم وكافة صدقاتكم بأنفسكم على الأحياء الفقيرة في المدن التي تسكنوها وأن تأخذوا معكم أولادكم إن حصل فإن في ذلك لذة عظيمة يعرفها من يفعل ذلك فما أروع وما أجمل من أن تُدخل السرور على هؤلاء الفقراء وتسمع دعاؤهم لك .. كما أن في ذلك تذكير بالله وزهد بالدنيا وترقيق للقلب وتهذيب للنفس ودروس ومواعظ تملأ المشاعر تنعكس بإذن الله على جوانب شخصيتك ووعيك .
** نداء أخير للمسئولين عن الجهات الحكومية المعنيّة بالفقراء والمحتاجين بأن يتقوا الله فيهم وأن يساهموا بالفكر والمال والموارد البشرية والآليات الفاعلة لمحو هذه المشاهد وإيجاد فرص العمل التي تحفظ الحقوق والكرامة وتفعيل وتنظيم دور الجمعيات الخيرية التي تعاني نقصا بشريا وتقنياً حادّين أضعف كثيرا من جهودها .
أخوكم كش ملك يبارك لكم عيد الفطر المبارك ويسأل الله أن يتقبل منكم أعمالكم .
ــ الثلاثاء : 1/10/1432هـ
** تحياتي وتقديري ،،،
** أخـوكـم كـش مـلـك