توقعات بارتفاع تكاليف المعيشة في العالم بسبب تصنيف الولايات المتحدة الائتماني
خفض التصنيف الائتماني لأمريكا يرفع الأسعار في العالم
الرياض - فيصل العبدالكريم
قال مراقبون اقتصاديون إن العالم دخل مرحلة خطيرة وسيئة تلفها الضبابية بعد قرار وكالة ستاندرد وبورز بخفض تصنيف الولايات المتحدة الائتماني، مع تحفظ الوكالات العالمية الأخرى على التقييم الائتماني والنظرة السلبية لمؤسسات الاقتصاد العالمية تجاه الاقتصاد الأمريكي.
وأشار الاقتصاديون في حديثهم ل "الرياض" الى استمرار تأثير الأزمة على الأسواق العالمية، وتأثر الدول المستثمرة في السندات والأسهم الأمريكية بشكل حاد من قرار خفض التصنيف وخاصة دول العشرين التي تحتاج بحسب المراقبين إلى التمهل وعدم الاندفاع في بيع استثماراتها في الولايات المتحدة، خاصة أن أي قرار في الوقت الراهن قد يؤدي لأخطار أكبر.
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود الدكتور حمد آل الشيخ: إن خفض التصنيف سيلحقه تبعات خطيرة على الاقتصاد العالمي، مشيرا الى أن الدول المرتبطة عملاتها بالدولار هي الأكثر تأثرا ضمن دورة الأزمة الاقتصادية المشتعلة منذ عام 2008، وستتواصل تبعاتها على الدولار والسندات الأمريكية.
وأوضح ال الشيخ ان الادارة الامريكية اتجهت للتسهيل الكمي 3 كخيار اضطراري، مما سيؤدي لانخفاض قيمة الدولار وقوته الشرائية بشكل كبير، مؤكدا أن الدول المستثمرة في الولايات المتحدة يجب عليها ألا تفكر في التخلص من استثماراتها في امريكا بشكل سريع مما سيضاعف الأضرار عالميا وخصوصا من دول العشرين، على أن تبيع استثماراتها تدريجيا تحسبا لانهيار الاقتصاد الأمريكي ومن ثم التخلص من ربط العملات بالدولار الذي سيتعرض لانخفاضات أكبر خلال الفترة المقبلة.
وتوقع ال الشيخ أن تستوعب الولايات المتحدة بوادر الأزمة الجديدة سريعا مع محاولة الاقتصاد الامريكي للثبات لحين ظهور ارقام اقتصادية حقيقية، مبينا أن اتفاق الرئيس الامريكي والكونغرس سلّم زمام الأمور للجمهوريين مما يوجد تخوف من مستقبل الاقتصاد الأمريكي.
من جانبه أبان رئيس دار الخليج للبحوث والدراسات الاقتصادية الدكتور توفيق السويلم أن المعادلة الجدية صعبة للغاية، حيث يواجه الاقتصاد الأمريكي خياري الانهيار أو الثبات وفي الحالة الأولى سيتضرر الاقتصاد العالمي بالعجز وفي الحالة الثانية سيتعافى الاقتصاد الأمريكي ولكن هناك دول ستدفع الفاتورة – بحسب وصفه- متسائلا عن مدى جاهزية الأجهزة الاقتصادية المحلية للتعامل مع مثل هذه الأزمة التي ستؤدي لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة في العالم بأسره.
وطالب السويلم بمزيد من الشفافية في التعامل مع هذه الأزمات وطرح اراء اقتصادية واقعية بعيدة عن التعامل العاطفي، مضيفا: رغم قوة الاقتصاد السعودي وثباته، إلا أننا لسنا بمعزل عن العالم وحتما سنتأثر بما يحصل خصوصا بانخفاض قيمة الدولار، وهنا نريد حلولا علمية عاجلة للتعامل مع القضية خصوصا من دول العشرين.
وأكد الاقتصادي محمد العمران أن قرار خفض التصنيف يعتبر قرارا تاريخيا مما سيكون له كثير من العقبات بانخفاض قيمة السندات وارتفاع قيمة عوائدها، اضافة للعديد من الانعكاسات التي ستظهر على عدد من الدول المستثمرة في السندات الأمريكية وعلى رأسها الصين، مشيرا الى أن حالة من الضبابية والتعقيد ستستمر خلال الفترة المقبلة.
وأشار العمران الى ان آثار هذه الأزمة ستتضح خلال الفترة المقبلة سواء في الولايات المتحدة أو دول أوروبية جديدة مثل ايطاليا واسبانيا، خاصة مع انفتاح الأزمة على كل الاحتمالات من ناحية تأثير حدتها على الأسواق العالمية مقارنة بأزمة 2008، لافتا في ذات السياق إلى أن آثار هذه الأزمة إن كانت أقل حدة فإن أثرها سيدوم لوقت طويل.
وأشار المحلل المالي طارق الماضي إلى أن آثار وتبعات خفض التصنيف على الولايات المتحدة ستحجم المؤسسات المالية عن اقراض الولايات المتحدة لدول أخرى ذات تصنيف اعلى، على اعتبار أن الولايات المتحدة لم تعد آمنة جدا لإقراضها، مستشهدا بما حدث في أعقاب الأزمة المالية لحكومة دبي بعد تخفيض تنصيفها الائتماني وامتناع البنوك عن تقديم القروض لإمارة دبي، متوقعا أن تستمر حالة من عدم الاستقرار والانخفاض في الأسواق المالية عالميا طوال الفترة المقبلة.