ابلع ياعم..
عبده خال
أي شخص لديه مبلغ مالي ضئيل ويرغب في المتاجرة ينصح بالدخول إلى سوق الأغذية، والناصح يؤكد للمنصوح أن أي شيء يؤكل يتم التهامه في لمح البصر، وربما يزيد عليها جملة:
- النسوان غادرن المطبخ، ولهذا تجد أن البلد كلها مطاعم وبوفيات لتقديم الوجبات التي لم تعد تطهى داخل بيوتنا، وغدت كل الوجبات تجلب من خارج البيت، ونحن
كالجراد نلتهم ولا يعنينا ما يرش على مأكولاتنا من مبيدات (على أننا جراد) ،فإما أن تأكل أو تموت جوعا. وعلى رأي أحد المستهلكين سمعته يردد حانقا:
تقول المدينة ماسورة وانفجرت مطاعم وبوفيهات!
وظاهرة المطاعم المنتشرة سوف تزداد تضخما في السنوات القادمة أضعافا مضاعفة في ظل تنشئة الفتيات على إهمال المطبخ وأن (السفيرة عزيزة) ليس لها علاقة بتسمين (سي السيد)، وإن كان شرها فليجلب مع المهر الخدم والحشم والطباخين..
المهم أن البلد كلها مطاعم وبوفيهات وصيدليات أدوية، وبعبارة قصيرة أي أن كل هذا المعروض يصب في بطوننا.
فإلى أي مدى نحن نعيش في سلامة غذاء؟..
وحقيقة ما يحدث في هذه المطاعم (شيء مرعب)، وهو أمر مرعب لمن يبحث عن سلامة الجميع والآثار الصحية المحمولة على مزاولتنا التغذية من خلال ماتقدمه تلك المطابخ..
تبدو القضية للوهلة الأولى بسيطة وغير مقلقة لكنها في عمقها تؤدي بنا جميعا إلى كارثة صحية ربما تظهر بعض أثارها في المستشفيات وفي تزايد الأمراض، كون بعض الأطعمة لا تقتل مباشرة وإنما تؤدي إلى خلق أمراض تتراكم وتكون في نهايتها وقوف أمام المستشفيات أو الارتحال إلى الثرى مبكرا.. ومع وجود رقابة متمثلة في هيئة الأدوية والغذاء أو رقابة البلدية أو رقابة وزارة التجارة إلا أن كل جهة رقابية معنية بجزئية محددة تعنيها دون سواها عند تنفيذ الدورة الرقابية بينما تغفل الجزء الآخر، ولأن الأعداد التي تقوم بدور الرقابة ضئيل جدا أمام المطاعم المنتشرة في كل مكان، وإذا أضفنا إليها أماكن اللحوم والخضراوات سنكتشف أن الأعداد المعنية بالمراقبة والمحافظة على صحتنا لن يستطيعوا بأي حال من الأحوال متابعة تلك الأماكن .. بمعنى أننا نعيش في خطر غذائي، فحين تنعدم أو تقل (السلامة الغذائية) فهذا يعني أن البلد مكشوفة وأن الخطر الواقع نبلعه في بطوننا ولا يظهر إلا على شكل أمراض لا تستطيع مستشفيات وزارة الصحة تدارك ما قمنا ببلعه.
ولا أريد أن أزيد الطين بلة بالتذكير بالسلع المعلبة وما تحمله من كوارث أخرى ولا أريد التذكير بالأدوية وما يمكن أن تسببه من مضاعفات ولا أريد التذكير بعدم تنفيذ شروط تخزين بعض الأغذية أو الأدوية ولا أريد التذكير بأن بعض المنتجات لا تتحمل درجات الحرارة التي لدينا إنما أريد التأكيد على أننا نعيش في حالة خطر اسمها خطر سلامة الغذاء .. فماذا فعلت الجهات المعنية لتدارك صحة المواطنين المهددة يوميا بتلك الأغذية التي يتم التهامها.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0531423382.htm