43 % من الشعب السعودي مدين للبنوك







عبد المحسن بن إبراهيم البدر
أعتقد أن تقارير الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ''سمة'' تعد من أهم التقارير المالية الاقتصادية الاجتماعية التي تعطي مؤشرات على ما يعيشه المواطن السعودي، وكنت قد كتبت سابقاً أن ''سمة'' يجب أن تأخذ دورا أكبر ومساحة أوسع لتكون المرجعية المركزية لقضايا كثيرة وكبيرة لعل من أهمها ـــ من وجهة نظري ـــ كشف الفساد المالي لشرائح مختلفة من المجتمع، وسأعود إلى ذلك في مقال لاحق ـــ بإذن الله.
أعود لتقرير ''سمة'' الأخير وحديث الزميل المميز نبيل المبارك حول مديونية الشعب للبنوك ودور التمويل، وفي كل مرة تخرج تقارير ''سمة''، أسأل نفسي السؤال نفسه حول عمل البنوك في المجتمع وقدرتها على تكبيل المواطن بفوائد كبيرة وشروط عسيرة، وقيود حديدية تجعله لا يتنفس إلا برضا البنوك، والتقرير الأخير لـ ''سمة'' أثار اهتمامي للبحث عن إجابة لسؤال مهم: كم نسبة المواطنين المدينين للبنوك؟
ذكر تقرير ''سمة'' أن عدد المواطنين الذي لديهم قروض (تسمى في لغة البنوك تمويل!) تجاوز ثلاثة ملايين مقترض (عميل في لغة البنوك!)، نعم ثلاثة ملايين مواطن ينتظرون رواتبهم الشهرية ليدفعوها للبنوك، الدفعة الشهرية تشتمل على نسبة فائدة مركبة متراكمة للبنك؛ ما يضاعف الألم، ثلاثة ملايين مقترض! يعني أن نسبة كبيرة من الشعب في أيدي المقرضين، يتحكمون في مسيرة حياتهم بشكل عجيب ويؤثرون في تصرفاتهم، ولديهم قدرة على منعهم من السفر ومنعهم من الاتصال، ومنعهم من الاحتفال، ولا أستبعد أن يجدوا قوانين تمنع المواطن من التنفس إذا فشل في تسديد قرضه الشهري .. فالقوانين تدعم المقرض وتغض الطرف عن المقترض.
عودة إلى الرقم المميز ثلاثة ملايين مواطن، بعملية حسابية بسيطة اعتمدت على معلومات حكومية وأهمها معلومات مصلحة الإحصاءات العامة حاولت فيها الوصول إلى العدد التقريبي لعدد المواطنين المؤهلين ليصبحوا (عملاء) للمقرضين، فإذا كان لدينا في المملكة العربية السعودية 18.707.576 مواطنا يعيشون على هذه الأرض الطيبة مناصفة بين الرجال والنساء ـــ حسب تقرير مصلحة الإحصاءات العامة لعام 2010 ـــ منهم 6.959.218 سعوديا تقل أعمارهم عن 15 سنة ويمثلون 37 في المائة من عدد السكان، وهؤلاء غالبا هم طلاب المراحل الدراسية الأولى إلى المرحلة المتوسطة، إذا أضفنا إليهم الطلاب في المرحلتين الثانوية والجامعية والدراسات العليا، وهو في حدود 2,124,310.00 (حسب أرقام وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي)، فإن العدد يتجاوز تسعة ملايين مواطن في مراحل الدراسة (غير مؤهل للقروض). ولدينا 654,765.16 مواطنا تجاوزت أعمارهم 65 سنة ويمثلون 4 في المائة من عدد السكان.
نصل إلى الرقم المهم، وهو عدد المواطنين في سن العمل، الذي يبلغ 8,969,283 مواطنا، هو في الغالب الشريحة المستهدفة أو المؤهلة للقروض، إذا استثنينا من هذا الرقم المواطنين العاطلين عن العمل، هم بشكل مبدئي المتقدمون لبرنامج حافز، ونعلم أن المتقدمين لبرنامج حافز مليونا متقدم (حسب أرقام وزارة العمل)، فإن عدد المؤهلين فعليا للقروض هو 6,969,283 مواطنا.
القاصمة هي أن نعرف أن النسبة الحقيقية والواقع المرير، هو أن ثلاثة ملايين مقترض من أصل 6.9 مليون، يعني أن 43 في المائة من الشعب السعودي مدين للبنوك والمقرضين بأشكالهم المختلفة، إن هذا مؤشر خطير على مستوى سير العجلة الاقتصادية في المملكة وله تبعات أكثر خطورة على مستقبل الاقتصاد، وإذا استمر الحال فإن هذه النسبة ستزيد بمجرد انخراط الخريجين من الجامعات في سوق العمل، وستتلقفهم البنوك لتضيفهم إلى غيرهم، هذه الأرقام لا تشمل القروض على مستوى الشركات الصغيرة والمتوسطة التي يديرها ويملكها الشباب! ولا يشمل القروض الحكومية الميسرة كصندوق التنمية العقاري!

http://www.aleqt.com/2011/05/10/article_536394.html