العودة   منتدى مقاطعة > الإعلام > مقالات > مقالات .. الجموح المخيف لأسعار الغذاء

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-2011, 08:03 AM   #1
abuhisham
الإدارة

 
رقـم العضويــة: 94
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مــكان الإقامـة: جده, السعودية
المشـــاركـات: 17,549
Twitter

افتراضي مقالات .. الجموح المخيف لأسعار الغذاء

الجموح المخيف لأسعار الغذاء

فائق فهيم

الأحداث المتلاحقة في العالم العربي وما يعتريها من سخونة وتوترات تؤدي إلى رفع أسعار النفط، وهذا الارتفاع يؤدي بدوره إلى زيادة أسعار الطعام، ما يقود المنطقة إلى مزيد من التوترات الاقتصادية والسياسية. ففي 24 من شباط (فبراير) الماضي وصل سعر برميل النفط 111.01 دولار، وهو ما يمثل زيادة قدرها 30 في المائة في ستة أشهر، وهذا الرقم يمثل ضعف برميل عام 2005 وأربعة أضعاف أسعار ما قبل عشر سنوات. وقد زاد سعر النفط بسبب المخاوف من تعطل أو توقف الإمدادات النفطية في ظل الصراعات العنيفة بين الحكام والشعوب في بعض الدول العربية، خاصة ليبيا وتوتر الأوضاع في مصر التي يمر النفط فيها عبر قناة السويس، إلى جانب أحداث اليمن والبحرين. وترحب إيران بطبيعة الحالة بهذه الزيادة باعتبارها من كبار منتجي النفط.

ولا يمكن أن نتوقف أمام الصعود الحاد في أسعار المواد الغذائية دون أن نتذكر خلفية هذا التطور. فالولايات المتحدة وأوروبا استرد اقتصادهما عافيته بعد انهيارات عام 2008 وتباطؤ عام 2009. وفي أوائل عام 2008 شهدت أسعار الطعام ارتفاعا ملحوظا بسبب زيادة الطلب من الصين والهند وغيرهما من الدول النامية. وجاءت الأزمة الاقتصادية لتضع حدا لذلك، ولكن ضغوط التضخم استمرت حتى عام 2010.

وثمة عوامل أخرى تدخلت، على رأسها استخدام الوقود الزراعي لتوليد الطاقة ما سحب كميات هائلة من الغذاء لحساب هذه العملية، كما أن انخفاض أسعار الفائدة أسهم في زيادة المضاربات في مجال الغذاء، إضافة إلى ذلك فإن رفض الولايات المتحدة اتباع سياسات تحد من الاختزان الحراري أرسل رسائل واضحة عن الطلب الزائد على النفط ومن ثم زيادة أسعاره.

وقد ارتفع مؤشر البنك الدولي للغذاء بنسبة 15 في المائة فيما بين تشرين الأول (أكتوبر) 2010 وكانون الثاني (يناير) عام 2011، إذا استمر هذا التطور لمدة عام آخر قادم، فإن الارتفاع سيصل إلى 75 في المائة. وقد كان القمح هو أسرع المواد الغذائية ارتفاعا، لأن سعره تضاعف فيما بين حزيران (يونيو) 2010 وكانون الثاني 2011، أما الذرة فقد ارتفعت بنسبة 70 في المائة، وكذلك حقق السكر والزيوت الغذائية وغيرهما من المواد الغذائية زيادات كبيرة. نتيجة لذلك وقع 44 مليون إنسان في مستنقع الفقر في الدول النامية. وبحسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة FAO، فإن زيادة أسعار الغذاء تركت مردودها وتأثيراتها على الناس فظهرت أعراض أمراض سواء التغذية. والطريقة الوحيدة المتاحة أمام الكثيرين هي تخفيض كميات غذائهم وتغيير نوعيات الطعام من أطعمة صحية مغذية إلى نوعيات أقل فائدة، وهو أمر يزيد مخاطر سوء التغذية بين الفقراء.

وتعتمد الزراعة بشدة على استخدام النفط في جميع مراحل الإنتاج الزراعي والتوزيع. وتعتبر أسعار النفط عاملا شديد الأهمية في تحديد أسعار الحبوب. ويعتمد سماد الحبوب على الطاقة، لأن إنتاج الطعام يعتمد بشدة على الأسمدة الكيماوية التي تستخدم النفط كعامل أولي.

وزيادة أسعار النفط زادت تكلفة إنتاج الأسمدة. وارتفاع تكلفة الأسمدة والطاقة والبذور يدفع الفلاح ــ خاصة إذا لم يحصل على دعم مالي ـــ إلى إنتاج أقل أو التحول إلى محاصيل أقل في متطلباتها.

كما أن إنتاج الأسمدة من الأصل يعتمد على الطاقة، حيث إن عمليات الاستخراج والتعدين والتصنيع والنقل الدولي للفوسفات والبوتاش، تعتمد على النفط، كما أن الجازولين والديزل يجري استخدامهما بكثافة في عمليات الري والإنتاج. وأخيرا لا ننسى أسعار الشحن والنقل التي ارتفعت بسبب هذا الارتفاع.

وهناك أمر جدير بالاهتمام وهو الوقود الحيوي خاصة الإيثانول الذي يستخدم الذرة كوقود، ونتيجة لذلك زاد إنتاج الذرة على حساب القمح ما أدى إلى الارتفاع الكبير في هاتين السلعتين ويفسر ذلك الاستجابة السريعة للقمح والذرة لسوق النفط على عكس الأرز الذي يستخدم كغذاء فقط. ولا يمكننا إغفال الدور الذي لعبه المناخ والتغيرات في الطقس، ففي الولايات المتحدة انخفض إنتاج الذرة بمعدل 15 في المائة، في الوقت الذي يستهلك فيه إنتاج الإيثانول 40 في المائة من إنتاج الذرة. وقد عانت الصين وهي أولى دول العالم في إنتاج القمح من نوبات جفاف عارمة وكذلك روسيا، كما لجأت بعض الحكومات إلى شراء كميات من الحبوب ما أضاف ضغطا على الأسعار.

ومع استمرار زيادة عدد السكان في العالم تبع ذلك نمو اقتصادي حمل معه تغيرات في النظام الغذائي. فعلى سبيل المثال زاد عدد الآسيويين الذين يأكلون اللحوم وهذا بدوره يمثل ضغطا على استهلاك الحبوب لأنه غذاء رئيس للحيوان. وهذا يعني أنه ليس من المنتظر انخفاض أسعار الغذاء على المدى القريب أو المتوسط ما لم يقع الاقتصاد العالمي في براثن الركود الاقتصادي.

وقد وقع عالمنا العربي في أتون هذه الأزمة الغذائية العالمية لأن معظم الدول العربية تستورد غذائها وعليها الاعتماد على الاستيراد لتوفير 50 في المائة من احتياجاتها الغذائية. وتمثل الواردات الصافية وعلى رأسها القمح من 5 إلى 10 في المائة من إجمالي الواردات، وتستورد دول الخليج معظم سلعها الرئيسة، ولكن عائدات النفط تغطي ذلك، أما في دول مثل اليمن حيث يعيش 40 في المائة من السكان تحت خط الفقر، فإنهم يستوردون 80 في المائة من احتياجاتهم من الحبوب.

وهناك دول كثيرة تقف في صف المتأثرين بارتفاع أسعار الطعام لأنهم ينفقون نسبا عالية من دخولهم على الأغذية. فالمصريون مثلا ينفقون على الطعام أكثر من أي دولة أخرى في اقتصاديات نامية، فهم ينفقون 40 في المائة من دخلهم الشهري على الطعام مقارنة بـ 17 في المائة في البرازيل و20 في المائة في كل من الصين والسعودية.

وتفرض الزيادات في أسعار الطعام أعباء مالية ثقيلة على الحكومات في دول عديدة، لأن السلع الرئيسة تحصل على دعم حكومي، وبينما تدعم الحكومة المصرية الخبز وغيره من السلع الضرورية للفقراء، فإن معظم المصريين يشترون خبزا أكثر مما يقدمه الدعم، وهذا يعني أنهم معرضون للارتفاعات التي تحدث في أسعار القمح على المستوى الدولي.
وتميل الحكومات إلى اتخاذ إجراءات لتهدئة شعوبها التي تشعر بقلق كبير إزاء أزمات الغذاء، حيث يمكن اعتباره الشاغل الأول لمعظم الشعوب العربية. ففي شباط (فبراير) 2011 أعلنت الحكومة السورية أنها ستلغي الضرائب على المواد الغذائية الأساسية والواردات الخاصة بالطعام في محاولة لمواجهة زيادة أسعار الغذاء ومساندة الفقراء.

وقد بدأ الصندوق السوري للدعم الاجتماعي توزيع 250 مليون دولار كدعم مالي لــ 420 ألف أسرة فقيرة. وبحسب تقارير صندوق الأمم المتحدة للتنمية فإن 14 في المائة من سكان سورية البالغ عددهم 22 مليون نسمة يعيشون في فقر واضح، وتنفق الأسرة السورية 50 في المائة من دخلها على الطعام.

وفي عام 2008 صرحت منظمة الأغذية والزراعة بأن 31 مليون مواطن عربي (10 في المائة من إجمالي سكان العالم العربي) يعانون من الجوع وهذه النسبة تزيد بمعدل ستة ملايين عن إحصائيات 1990 ـــ 1992، وتتفاقم المشكلة في اليمن والسودان بنسبة 32 في المائة في (اليمن) و21 في المائة في (السودان). وهناك أربعة ملايين مواطن عربي يعانون من سوء التغذية. والدول العربية تستورد أكثر من نصف احتياجاتها الغذائية، وقد أدت الاضطرابات الأخيرة إلى زيادة حدة الأزمة في الدول التي تشهد توترات.

http://www.aleqt.com/2011/04/02/article_521736.html
abuhisham غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:40 PM.