بصوت القلم
قوة التشهير على أهل الشعير
محمد بن سليمان الأحيدب
تلوح وزارة الصناعة والتجارة هذه الأيام بقرب إصدار عقوبة التشهير بعدد من تجار الشعير الذين تلاعبوا بالأسعار أو مارسوا تخزين الكميات وتجفيف السوق بغرض رفع الأسعار، وإعلان العقوبات والتشهير بالمخالفين أمر جيد بل أكثر من رائع وعقوبة رادعة لطالما طالبنا بها وأكثرنا المطالبة ومارسنا دحر حجج الخصوصية وتأثر العائلة والقبيلة وخلافه من الحجج الواهية التي حالت زمنا طويلا بيننا وبين هذه العقوبة المستحقة الرادعة.
لكننا في الوقت نفسه نرفض رفضا قاطعا أن نقع في فخ الانتقائية في تطبيق عقوبة التشهير لأننا بذلك نعود دون أن ندرك إلى كمين الخصوصية والعائلة والأسرة والقبيلة ولكن بحجة أخرى، وهل هذه (الفلاتر) إلا ضرب من ضروب الانتقائية المكروهة البغيضة، وما أقصده من الانتقائية هنا هو انتقاء التشهير بناء على السلعة (ولكل سلعة تاجر) فأنا ضد أن نشهر بتاجر الشعير قبل أن نشهر بتاجر الأرز والسكر مع أنهم جميعا مارسوا نفس الجرم والمخالفة، وضد أن نشهر بتاجر الطوب الأحمر ونغض الطرف عن تاجر الحديد الأسود والذهب الأسود وغيرها من السلع التي ارتكب في حقها، أو في حق الوطن عن طريقها الغش والخداع وتجفيف السوق والتخزين ورفع الأسعار والبيع في أسواق سوداء وحمراء وأخرى عديمة لون وطعم ورائحة.
المخالف للنظام المستحق لعقوبة التشهير يجب أن يشهر به بصرف النظر عن سلعته فالنظام لا يحدد السلعة والسلعة لا تحمي المجرمين والحديد فيه باس شديد لكن قوته لا تمنع من التشهير بمن خزنوه في المزارع والاستراحات، وضعف الشعير وكونه علفا حيوانيا لا يجعل تجاره أقل إنسانية من تجار الأرز (الوجبة الآدمية الرئيسة التي كانت وزارة التجارة ستحولنا منها إلى الأندومي دفاعا عن تجار الأرز عندما خزنوه ورفعوا أسعاره في أشهر مضت مثلما فعل تجار الشعير اليوم).
النظام نص دقيق والتاجر إنسان والغش جريمة والسلعة أداة والتشهير عقوبة والعقوبة تحددها الجريمة وليس الأداة وتطبيق العقوبة على الإنسان لا تحددها مهنته أو تجارته أو اسمه فقد قال رسول الهدى ــ صلى الله عليه وسلم ــ «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
المصدر