ماذا لو تم تعديل سعر صرف الريال؟
محمد بن فهد العمران
أشار آخر التقارير الرسمية المتعلقة بمعدل التضخم في المملكة، إلى نموه بمعدل بلغ 5.4 في المائة سنويا ''بمقارنة كانون الأول (ديسمبر) 2010 بكانون الأول (ديسمبر) 2009)''، ونموه أيضا بمعدل بلغ 0.1 في المائة شهرياً ''بمقارنة كانون الأول (ديسمبر) 2010 بتشرين الثاني (نوفمبر) 2010''، مما يدل على تباطؤ النمو إلا أن المهم هنا هو استمرار نموه، وهو بذلك يشكل أحد أهم التحديات التي تواجه المسؤولين عن السياسة النقدية في المملكة خلال الفترة المقبلة في ظل تسجيل أسعار السلع والبضائع في الأسواق الآجلة العالمية مستويات عليا قياسية حتى هذه اللحظة.
يعود السبب الرئيس في نمو التضخم إلى ارتفاع قيمة الواردات إلى المملكة، إضافة إلى تحركات أسعار صرف الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسة العالمية منذ حزيران (يونيو) الماضي، حيث يرى الكثير من الإخوة الاقتصاديين في المملكة أن الحل يكمن في تعديل سعر صرف الريال أمام الدولار الأمريكي مع الإبقاء على سياسة الربط بين العملتين ليصبح سعر الصرف مثلا 3.50 ريال لكل دولار بدلاً من السعر الحالي 3.75 ريال لكل دولار (أي رفع لقيمة الريال بنسبة 7 في المائة تقريباً)، وهو بلا شك أفضل الحلول المتاحة حالياً آخذين في الحسبان أن رفع أسعار الفائدة على الريال لن يحل المشكلة في هذا الوقت لأن السيولة ليست سبباً للتضخم.
المهم أنه في حال تعديل سعر صرف الريال، فإن انعكاسات مثل هذا التعديل ستكون كثيرة ومعقدة، لكن
أهمها يتمثل في تخفيض فوري لقيمة الواردات من السلع والبضائع إلى المملكة بنسبة رفع قيمة العملة نفسها (أي بنسبة 7 في المائة تقريباً على افتراض أن قيمة الريال ارتفعت من 3.75 إلى 3.50 لكل دولار) وهو بالتأكيد حل سريع لتخفيض نمو معدلات التضخم على المدى القصير من المتوقع أن يستفيد منه التجار الذين يستوردون بالعملات الأجنبية (الذين يشكلون السواد الأعظم من التجار) ومن المتوقع أن يتضرر منه التجار المصدرون بالعملة المحلية (وهم بالتأكيد فئة قليلة).
بالنسبة للدولة، فإن تعديل سعر الصرف سيخفض من الإيرادات السنوية المقومة بالعملات الأجنبية (التي تشكل السواد الأعظم من الإيرادات) بنسبة الرفع نفسها، إضافة إلى تخفيض قيمة الاحتياطيات بالعملات الأجنبية (بقيمتها المحلية بالريال) بالنسبة نفسها أيضاً، وهو ما يعني تحمل تكلفة باهظة التكاليف، إلا أن المهم أن التضخم سيتحول تلقائياً إلى انكماش مما يعني انخفاض تكاليف المعيشة، سيستفيد منه جميع المواطنين والمقيمين داخل المملكة، وسيساعد على دفع عملية النمو الاقتصادي. هنا يجب ألا ننسى أنه عندما تم تثبيت سعر صرف الريال أمام الدولار عند 3.75 في عام 1986 شكل هذا القرار حينها تخفيضا لسعر صرف الريال نتيجة لظروف اقتصادية معاكسة تماماً لما نحن عليه الآن ولله الحمد.
http://www.aleqt.com/2011/01/19/article_493548.html