العام المقبل .. ستغرق جدة!
خلف الحربي
لا يعلم الغيب إلا الله، ولكنني أعتقد أن جدة سوف تغرق في العام المقبل ، والعام الذي يليه، وهكذا إلى ما لا نهاية، لست متشائما أبدا ولكنني لا أحب أن أخدع نفسي، فأمانة جدة لم تتغير، والمقاولون الذين يحصلون على العقود الذهبية لم يتغيروا أيضا، ما يعني أن الخطط والمشاريع الجديدة لن تنقذ هذه المدينة من كوارث الغرق، فالمشكلة هنا لا تتعلق بتنفيذ مشروع للصرف الصحي أو إصلاح أنابيب صدئة أو شفط مستنقع للمجاري بل المشكلة كل المشكلة تكمن في تجاهل الحقيقة التي تقول إن فاقد الشيء لا يعطيه. وإذا كان الكثير من الناس يفرحون كلما تم الإعلان عن مشاريع جديدة لإنقاذ جدة من الغرق فإنني أشعر بالحزن على ضياع الأموال العامة دون نتيجة فعلية وأجد نفسي مرغما على ترديد بيت الشعر العامي الذي يقول: (مسكين يا طابخ الفاس .. تبغى المرق من حديده)!.
لست منجما ولا مهندسا ولا خبيرا في تخطيط المدن ولكن لدي قناعة تامة بأن جميع المشاريع التي تهدف إلى إصلاح حال البنية التحتية في هذه المدينة سوف تنتهي إلى لا شيء وسوف يستمر الغرق ومستنقعات المجاري ووايتات الشفط وحملات رش البعوض وفئران الكورنيش والتخبط في التعامل مع مخططات الأراضي، وبالطبع أنا لست سعيدا بقناعتي هذه .. ولكن ماذا أفعل ما دمت محاصرا بآلاف القصص التي تدفعني للتمسك بها أكثر فأكثر؟!.
ولكي لا نغرق ــ مثل جدة ــ في الأحاديث الغامضة فإنني يمكن أن ألخص الأسباب التي دفعتني للتمسك بهذه القناعة بالنقاط التالية:
أولا: لم يطرأ أي تغيير حقيقي على الإدارة العليا والمتوسطة في أمانة جدة التي اعتبرها المسؤول المباشر عن كارثة جدة العام الماضي،
ثانيا: لا زالت ملاحظات ديوان المراقبة على الأمانة تنشر في الصحف دون أن يفكر أحد بمحاسبة الموظفين أو على الأقل نقلهم إلى أماكن أخرى،
ثالثا: لا زالت البلديات الفرعية بلا صلاحيات فالإدارة المركزية التي أسسها الأمين السابق تحولت إلى ما يشبه الدستور في أمانة جدة،
رابعا: تتواصل عمليات هضم حقوق الموظفين الصغار في الأمانة وخصوصا المتعاقدين منهم وتصل في بعض الأحيان إلى تأخير تسليمهم رواتبهم ما يؤثر سلبا على عملهم في الميدان،
خامسا: تنظر أمانة جدة إلى آلاف المواطنين الذي يسكنون في الأحياء المهمشة والخالية من الخدمات باعتبارهم مخطئين وليسوا ضحايا دفعوا دم قلبهم من أجل بيوت تحاصرها مستنقعات المجاري ولا زال مسؤولو الأمانة يتحينون الفرص لإزالة بيوتهم دون تقديم مشاريع إسكانية بديلة،
سادسا: لا زال المقاولون الكبار والصغار يملكون جرأة عظيمة على العبث بالمشاريع وتهديد حياة الناس إلى درجة أن بعض الأنفاق التي تم افتتاحها قبل أيام قليلة تصدعت وامتلات بالمياه،
سابعا لا زال العمال يحفرون الشارع لمشروع المجاري وما إن ينتهي عملهم حتى يأتي عمال آخرون ليحفروا في المكان ذاته من أجل تمديدات الكهرباء والاتصالات،
ثامنا وتاسعا وعاشرا:
لا زال الفساد هو سيد الموقف .. ومن أمن العقوبة يلعب إسكواش بالقانون !.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0117395190.htm