المواطن في مغارة الأربعين بابا
م. طلال القشقري
في وجه المواطن العادي، تَكْثُر، وتُكَثَّر العقبات التي تُعْجّزه عن بناء بيته، أو لا تجعله يُكْمِل بناءه إلاّ ورِجْله الأخروية تكاد تسبق رِجْله الدنيوية!.
هذه العقبات، ومن اصطفافها أمامه، واحدةً بعد أخرى، كالبُنيان المرصوص، ومن اختلاف أنواعها، وشدّة صعوبتها، هي مثل مغارة فيها كنز محفوظ خلف (40) بابًا، ومَن يُرِد الكنز عليه أن يفتح كلّ الأبواب، مع ما في المغارة من مصائب وأهوال!.
عقبات في أرض البناء، فإن كانت منحة، صارت مع بُعْدِها عن العمران محنة، بعد انتظار المواطن لها لسنوات، وإن كانت مُشتراة (طِلِعْ) لها من تحت الأرض صكّ ملكيّة آخر عند مواطن آخر، وهات يا خصومات في المحاكم!.
وعقبات في تمويل البناء، بين صندوق يمنح القروض بسرعة السلحفاة، وبين بنوك تمنحها بسرعة الغزال، لكن تؤجِّل عقباتها لما بعد وقوع المواطن في فخّها!.
وعقبات في تصريح البناء الذي للبلدية فيه كلّ يوم تنظيم مختلف، وأكثر تعقيدًا!.
وعقبات من المقاول في غِشّه، أو تقاعسه!.
وعقبات من المشرف الهندسي الذي يحتاج لمن يُشْرِف عليه من تواضع خبراته!.
وعقبات في مواد البناء، فهي إمّا مرتفعة السعر، أو مقلّدة، أو احتكرها تاجرٌ جشعٌ، أو محجوزة لقطر الشقيقة لمونديال 2022م!.
وعقبات من جيرانه الذين يشتكونه للبلدية في كلّ مرحلة!.
وعقبات بعد إكماله البناء، أولاً في دخول الكهرباء، فهو يدفع من جيبه ويريد، وشركة الكهرباء تأخذ منه، وتفعل ما هي تريد. وثانيًا في دخول المياه، فهو يريد مياهًا في مواسير بيته طيّارة وسيّارة، وشركة المياه توفّرها له بالقطّارة. وثالثًا في دخول الصرف الصحي.. صرف صحي (إيه إلِّلي انْتَ جَايْ تُئُول عليه)؟! هذه وزارة المياه، ومعها شركة المياه، لهما في كلّ مؤتمر صحفي موعد جديد لإنجاز مشروع الصرف الصحي.. الله يجيب الخير!.
أمّا عقبة الدخول الوحيدة التي ذُلِّلت للمواطن، فهي دخول مياه الأمطار لبيته، وإغراقها له بما فيه من أثاث، وحجر، وشجر، وبشر!.
يهْل الله:
هناك (8) من كلّ (10) مواطنين عاجزون عن بناء بيوتهم، ألا يستحقّون أن نلتفت لهم، أن نحزن عليهم، أن نتحاور عنهم، أن نُشْفِق عليهم، أن نجبر خاطرهم، أن نبتكر البرامج المُيسّرة لهم، أن نُخلّصهم من العقبات الكأداء، أن نُحقّق أحلامهم قبل وفاتهم، بحسْرة؟!.
http://www.al-madina.com/node/283005