"قل دبرة".!


مع كل إعلان للميزانية العامة أصاب بـ"دوار الأرقام". ويزداد الدوار دواراً في مرحلة "الأرقام الخلفية"، كالعجز المتوقع، والاحتياطيات المتراكمة، وقصة "الدين العام" (اللي ما يبي يخلص).!

هذا العام خرّجت الميزانية العامة للدولة دفعتها "القياسية" السادسة على التوالي بتقدير الإيرادات المتوقعة لعام 2011 بنحو 540 مليار ريال، وحجم الإنفاق المتوقع 580 مليار ريال. في حين سجلت ميزانية 2010 فائضاً بلغ 108.5 مليارات ريال، ببلوغ الإيرادات 735 مليار ريال، والمصروفات 626.5 مليار ريال، بزيادة 265 مليار ريال في الإيرادات عن المخطط له، وزيادة بالمصروفات الفعلية عن المقدر لها بنحو 86.5 مليار ريال.

كل تلك الأرقام التي زفتها الميزانية مذهلة، لكن لا حضور طاغ يعادل "المتعددة الأصفار" على مستوى رفاهية المواطن، وتطور البنية التحتية لا يواكب أرقام ما يصرف عليها. ولا تفسير لذلك إلا بجملة من كلمتين فقط: "قل دبرة".!

فالطرق لا تزال تكشف عن سوءتها، وفي المستشفيات لا يزال البحث جارياً عن "السرير المفقود". آلاف الطلاب لا يزالون يدرسون في "المقلّط" و"المطبخ". سوق العمل لم يفهم بعد لغة مخرجات التعليم. طوابير المنتظرين دورهم تزداد طولاً مع كل ميزانية في "العقاري" و"التسليف" وأراضي المنح والعاطلين عن العمل، لدرجة أنها قادرة على تسوير حدود البلاد بسياج بشري.!

أكثر ما يلفت النظر في المشاريع الخدمية تعمّد بعض مسؤولي الأجهزة الحكومية الإعلان عنها عند زيارتهم للمنطقة، لكسب الشعبية، أو في حال وجود أزمة ما تتطلب وجود ما يمتص الغضب الشعبي الموجه إليهم. برغم أن تلك المشاريع مجدولة في ميزانيتها، لكنهم يتعمدون عدم إعلانها لجعلها ورقة رابحة بين أيديهم.!

يجب على الأجهزة الحكومية (خصوصا الخدمية) إعلان تفاصيل قوائمها المالية ومشاريعها المقرر تنفيذها، تماما كما تفعل الشركات المساهمة بإعلان قوائمها المالية كل ربع سنوي، لنعرف كم صرف على المشاريع، وأين ذهبت المبالغ المعتمدة لها إن لم تنفذ؟

وزارة المالية أعلنت مخصصات كل جهة حكومية من الميزانية، وإعلان كل جهاز تفاصيل ميزانيته هو من باب الشفافية. لأنها ليست سراً من أسرار الدولة، وإلا كان من باب أولى ألا تعلن الميزانية العامة للدولة رسمياً. إلا إن كان هناك تخوف في بعض الأجهزة من وجود "هدر مالي"، برغم تأكيدات مسؤوليها بأن أمورهم "عال العال".. فهذا كلام آخر!

فمن يبادر بالإعلان؟!


هايل العبدان 2010-12-24 5:09 AM

http://www.alwatan.com.sa/Articles/D...ArticleID=3707