جهير بنت عبدالله المساعد


في صحيفة عربية غير محلية تنتمي لبلد عربي كبير.. عمالته لم تعد أفضل العمالة المؤهلة والمدربة في السوق، ولم تعد صالحة للعمل تحت مظلة المنشآت الكبرى.. قرأت إعلانا بالخط العريض يقول «بالسعودية.. بأكبر مركز ثقافي أدبي فني تحت الإنشاء.. مطلوب.. محلل نظم مكتبات، محترفو إعداد برامج تعليمية للكبار.. والصغار، مدير فنون مسرحية، مدير دعاية وتسويق، مدير أغذية ومشروبات، منظم قاعدة بيانات مكتبات»، وتم ذكر الشروط التي هي ليست صعبة ولا معقدة!، من بينها الخبرة واللغة الإنجليزية، أما الرواتب فمجزية والمميزات مغرية والبدلات متنوعة!
تأملت الإعلان ولم أجد فيه ما هو خارق للمألوف يمتنع على السعوديين ويتعذر عليهم.. فالمطلوب في الإعلان تخصصات دارجة ومنتشرة ولا تعد من التخصصات العويصة والنادرة في مجتمع يضم أكبر مدينة علمية مستقبلية تهتم بـ «النانو»! وبما أن الإعلان كان منشورا في صحيفة غير سعودية ولا محلية، فذلك يعني أنه لغير السعوديين بالطبع ويمنح الفرص الوظيفية التي يسيل عليها لعاب السعوديين المحرومين! بالمقابل، دعونا ــ أيها القراء الكرام ــ نقرأ الإعلانات المنشورة في الصحف المحلية لطلب سعوديين للعمل.. وكلها إعلانات واضحة تطلب موظفين سعوديين، بل وتتباهى بالعبارة الخالدة (الأفضلية للسعوديين)، فماذا تقول هذه الإعلانات المحلية؟! تعالوا نستعرضها على عجل:
«مطلوب موظف استقبال».. «مطلوب معقب!».. «مطلوب سائق مع محرم».. «مطلوب حراس أمن».. وهكذا.. ونشطت الجهود في سعودة سوق الخضار وسعودة سائقي الأجرة.. والكاشيرات لا ننساهم.. واستمر المسلسل يعرض حلقاته، فهل الفرق يحتاج تعليقا! الملاحظ ــ يا سادة يا كرام ــ أن الوظيفة المجزية التي تعطي فرصا وظيفية قيادية تعرض إعلاناتها طلباتها خارج الحدود.. أما المهن الأخرى، ولا أقلل من قيمة أي عمل شريف، فكل عمل نظيف أفضل من مد اليد وتسول الإحسان وأفضل بكثير من الفقر! إنما أناقش مفهوم السعودة لدى بعض رجال المال والأعمال الذين لا يريدون القيام بمسؤولياتها وتحمل تكاليفها.. فالخبرة كشرط للحصول على وظيفة لا تأتي هبة ولا تنزل كالمطر! الخبرة تأتي من الفرصة، كما أن مسؤوليات التدريب لا بد أن تكون ضمن اهتمامات القادرين من أصحاب رؤوس الأموال الذين يتولون القيام ببناء المنشآت الكبيرة ــ كما هو وارد في الإعلان أعلاه! المشكلة أن الذين يضعون يدهم على الفرص المدرة والمربحة والقائمين على التعمير والبناء لا يكلفون أنفسهم القيام بواجبهم في إعداد وتأهيل الموظف السعودي، يريدون الحكومة تربي وتعلم وهم يقطفون الثمار! فهل مدير مشروبات وأغذية من الوظائف الصعبة على السعوديين أو مدير تسويق! إذا لم يكن لدينا تعليم قدم هذه المخرجات على ماذا كانت الميزانيات الضخمة للتعليم!
ولماذا الأفضلية للسعوديين في الوظائف غير القيادية.. بينما غير السعودي نجده في الفنادق الكبرى والمستشفيات وغير ذلك يعمل «مديرا»، ويا ليتنا نعجب! وبس!