30 أبريل 2006
الرياض (الشرق الأوسط) اتهمت دراسة أعدتها الهيئة العليا لتطوير الرياض، عددا من المصانع بتلويث أجواء العاصمة السعودية الرياض، موجهة أصابع الاتهام إلى الانشطة الصناعية الثابتة بتلوث الأجواء، مثل مصفاة «أرامكو» السعودية التي تقع جنوب منطقة الرياض ولا تبعد كثيراً عن المجمعات والأحياء السكنية.

وتتكون المصفاة وفقا للدراسة من جزأين مستقلين، هما المصفاة القديمة والجديدة، وتقوم بتكرير نحو 150 ألف برميل من الزيت الخفيف يومياً، وتفرز العديد من الملوثات التي تنبعث في الهواء، وقد تم رصد ذلك التلوث ـ حسبما ذكرت الدراسة ـ حيث يقدر المعدل الإجمالي لانبعاث ثاني أكسيد الكبريت بـ2076 جم/ ثانية، كما يأتي في الدرجة الثانية اكاسيد النيتروجين بـ140 جم/ ثانية، وفي الدرجة الثالثة أول أكسيد الكربون بـ 11جم/ ثانية وفي الدرجة الرابعة العوالق الصلبة بـ 89 جم/ ثانية.
وبينت الدراسة أن هناك أثرا كبيرا لمصفاة البترول على نوعية الهواء، حيث تعاني الأجزاء القريبة من المصفاة أو المناطق التي تهب عليها الرياح محملة بهذه المواد من التلوث، كما أنه يشاهد أحياناً دخان كثيف يغطي المنطقة، خصوصاً في ساعات الصباح الأولى أو في المساء
وتشير الدراسة إلى نوع آخر من التلوث الثابت الناتج عن مصنع الإسمنت، حيث تنتج شركة «اسمنت اليمامة» التي تقع على طريق الخرج (جنوب منطقة الرياض)، الأسمنت باستخدام ستة أفران كبيرة ويتم تشغيل هذه الأفران باستخدام الزيت الخام· وقد تم تجميع المعلومات الرئيسية التي يمكن من خلالها حساب معدل انبعاث كل ملوثات الهواء الناتجة عن حرق الوقود، ويتصدر هذه الملوثات ثاني أكسيد الكبريت 407 جم/ ثانية، وتمثل درجة اكسيد النيتروجين الدرجة الثانية 108 جم/ ثانية، كما يحتل أول أكسيد الكربون 25 جم/ثانية الدرجة الثالثة، وتمثل الكربونات الهيدروجينية 9جم/ ثانية وفي الأخير العوالق الصلبة بنسبة 8 جم/ ثانية.
وتوضح الدراسة أن مصنع الأسمنت لا يقل تأثيرا من المصفاة فهو من أهم المصادر الثابتة لتلوث الهواء، حيث ينتج هذا المصنع حوالي 16000 طن/ سنة من غاز ثاني أكسيد الكبريت لاستخدام الوقود، كما أن آثار التلوث تبدو واضحة لمجرد الوقوف على المصنع من قرب، ومما يزيد من الأمر سوءا هو قرب المصنع من المناطق السكنية، حيث امتداد العمران لهذه المنطقة، فأصبح يقع وسط الأحياء السكنية· وعلى الرغم من المحاولات التي تبذلها إدارة المصنع للحد من التلوث، إلا انه لا يمكن التفاؤل بأنه تم فعلا الحد من التلوث، خصوصاً في ظل غياب المراقبة الفعالة لمعرفة مدى الالتزام بالمعايير البيئية.
ويذكر الدكتور نذير حسن الخضراوي مدير مركز عيادة أفراد القوات المسلحة، أن معاناة المصابين بالربو تزداد في حالة توجه الرياح إلى المناطق السكنية، كما أن وجود المصانع عامل مساعد على تهيج الحساسية الصدرية وأمراض الربو، وكذلك عامل رئيسي في زيادة عدد المرضى.
وتقول أميره العنزي المرشدة الطلابية بمدرسة الإسكان الواقعة في تلك المنطقة، ان نسبة الغياب بسبب التلوث تشكل 20 بالمائة، كما أنها قد تغيبت عن المدرسة لمدة شهر كامل بسبب التلوث حينما بدأت العمل بالإسكان، مشيرة الى أن كل أسبوع يتم رصد حالة أو حالتي أزمة صدرية، وعادة ما تكون هناك رائحة أشبه برائحة الغاز تنتشر بالجو عند الساعة السابعة صباحاً، وعند ازدياد الرائحة تقوم بتوجيه الطالبات إلى الفصول مع غلق النوافذ والأبواب وتشغيل التكييف لكي يساعد بدوره على تصفية الجو نسبياً.
ولا يقف تأثير التلوث البيئي عند هذا الحد، بل يتعداه إلى التأثير في الوضع الاقتصادي، حيث أدى بدوره إلى انخفاض ملحوظ في القيمة الشرائية للقطاع العقاري، كما يؤكد خالد الشهري، أحد أصحاب مكاتب العقار بإسكان طريق الخرج، ان تأثير التلوث على القيمة الشرائية واضح وملموس، فالقيمة الشرائية منخفضة بنحو 60 الى 80 ألف ريال للفيلل أو الشقق بشكل عام، وهناك أماكن قريبة من مجرى الصرف الصحي المكشوف لا أحد يقدم على الشراء بهذه المنطقة، حيث ان البنايات السكنية لا تبعد إلا عشرة أمتار عن المجرى، وهناك كثير من الساكنين يعرض بيته للبيع أو الإيجار للبعد عن التلوث الصادر من المصانع أو من المجرى.
ويؤكد محمد الحميدي، موظف بالتلفزيون السعودي، أنه يمتلك فيلا بمجمع الإسكان، لكن بسبب التلوث البيئي قام بتأجيرها وانتقل إلى أحد الأحياء التي تقل بها نسبة التلوث. ويذكر المهندس طارق، أحد العاملين بمركز الإشراف ببنك التنمية العقاري، أن هذا المجرى هو مخصص للسيول، لكن في الوقت الحالي ليست هناك أمطار، وبالتالي نجد الوادي مملوءا بمياه الصرف الصحي، وتنتج عنه مشكلتان رئيسيتان هما تجمع عدد كبير من البعوض بشكل كبير، وهذا قد يسبب مشاكل صحية، كذلك تكاثر الحشائش والأشجار على ضفاف المجرى، وتقوم الأمانة بقطع الأشجار وتركها على ضفاف المجرى ليقوم الأطفال بحرقها والعبث بها، كما أنه خلال عام ونصف العام أبلغت عن تسعة حرائق. ويذكر عمدة حي الصناعية عبد العزيز الشهري، أنه قد تم رفع شكوى إلى الجهات المختصة وشكلت لجنة ووقفت على هذا المجرى، لكن من دون جدوى، وقد حاولت أنا وبعض عماد الأحياء المتضررة أن نلتقي بعضو المجلس البلدي المخصص للدائرة السابعة الدكتور مسفر بن عبد الله البواردي، لكننا لا نعرف له مقرا محددا ولم نلتق به منذ أن تسلم هذا المنصب! وكما أننا لم نقطع الأمل وننتظر منه أن يحدد لنا مكانا لكي نستطيع مقابلته بشكل دوري لكي نساهم في حل مثل هذه الإشكالات التي تضر بصالح السكان وصحتهم.