سلطه بلا طماطم
منيرة السليمان
العالم بأسره مشغول بالمستقبل، ونحن في المجتمع العربي قابعون في كهف الماضي، علما أن البعض من العقليات الراجحة تحاول إقناع البعض بأن الماضي بكل ما دار فيه من تباينات يصلح أن يكون مرجعيتنا للحاضر والمستقبل. في فترة ماضية واجهها تحديات تجار الأرز والحليب وما وصلنا إليه من ارتفاع، واليوم يأتي ارتفاع سعر الطماطم وغيرها من الخضراوات والفواكه، وهذا كله من هيمنة التاجر وتأويلاته غير الصحيحة وتأثيراته على القيم
واتجاهات المستهلك الذي لا يعرف من أين تاتيه هذه المصائب، هل هي من ساهر أم من ارتفاع المعيشة، ووزارة التجارة وحماية المستهلك ساكنتان لم تتحركا وكأنهما ليستا المعنيتين بارتفاع الأسعار، علما أن أمانة مدينة الرياض ليس من اختصاصها هذا الشيء، وأن اختصاص الأمانة ارتفاع أسعار الخبز والباعة المتجولون والمنتج غير المعروف المصدر أو منتهي الصلاحية.
لو فكرنا قليلا في موضوع ارتفاع الطماطم، ما هو السبب في ذلك، هل هو من قلة الإنتاج أم الاستيراد، طبعا.. وطالما هؤلاء الباعة يدورون حول محور استغلال المستهلك، فمحلات بيع الخضار والباعة المتجولون يتلاعبون بالأسعار في ظل غياب الرقابة التي تمنعهم من التلاعب بالأسعار، فقد أمنوا العقوبة وأصبحوا يتفننون في ارتفاع الأسعار بشكل خيالي لا يتوقعه المستهلك، بنسبة قد تصل إلى 80 في المائة.
فلو وجدت الرقابة من الجهات المسؤولة لما قفزت الأسعار إلى هذا الحد. وفي زمن الخليفة عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ جاء إليه الناس يشتكون غلاء اللحم، طالبين أن يسعره لهم، فقال لهم: أرخصوه، فقالوا له: نحن أصحاب الحاجة فكيف نرخصه؟ فقال مقولته الرائعة: اتركوه لهم.
وفي إحدى السنوات في البرازيل.. ارتفعت أسعار البيض وأطلقت حملة مقاطعة، فكسدت البضاعة بعد رفض المواطنين لها، وبعد أسبوع خفض السعر قليلا حتى رجع إلى السعر السابق فرفضوه، فخفض أكثر من السابق وقاموا بالشراء. فلو أمعنا جميعا في التكاتف لوصلنا إلى مبتغانا. ونحن في صدد موضوع الطماطم، وفي نهاية شهر أغسطس «آب» في إسبانيا يجتمع الآلاف من الأشخاص تحت مسمى مهرجان الطماطم، حيث يتراشق الناس الطماطم لمدة ساعة متواصلة في عيد لهم يسمى «نوماتينا»، ويأتى كل سنة أكثر من 40 ألف سائح لحضور هذا المهرجان، هذا كما أنه يطلق على الطماطم اسم البرنسيسة لا باعتبارها المنتج على مدار العام وقيمتها الغذائية فقط، بل لقد أبهرت العلماء بمزاياها النافعة. وفي فرنسا أطلق عليها المستهلكون تفاح الأطباء وتفاح الحب، والبريطانيون تعجبهم شكلا، لكنهم كانوا لا يأكلونها اعتقادا منهم بأن فيها مادة سامة، وكانت تستخدم فقط للزينة دون الأكل للاعتقاد بأنها تحتوي على كمية من الرصاص التي تؤدي إلى الموت، ولم يستخدمها في الأكل سوى الفقراء لحاجتهم الماسة إليها، وبعد ملاحظة أنه لم يمسس الفقراء الموت، بل تحسنت حالتهم أقبلوا على أكلها. أتمنى من الجميع أن يتخذ موقفا جادا حيال هذا الأمر، والتكاتف جميعا من أجل عودة الأسعار إلى ما كانت عليه، ومقاطعة أكل الحمراء.
ومضة
إحدى الأمهات استخدمت حب الرمان عوضا عن الطماطم في تحضير السلطة، وحين سألتها ابنتها الصغرى نهى، قالت إن هذه طماطم جديدة ستغزو البيوت قريبا.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...1015377791.htm
حملة مقاطعة البيض كانت في الأرجنتين .. و كانت بدون تنسيق .. مجرد أن المواطنين لاحظوا الإرتفاع فأمتنعوا عن الشراء.