أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-10-2010, 01:56 PM   #1
عبدالله بن علي
كاتب مميز
 
الصورة الرمزية عبدالله بن علي
 
رقـم العضويــة: 13104
تاريخ التسجيل: Aug 2009
مــكان الإقامـة: مملكة الخير
المشـــاركـات: 2,703

افتراضي اقتصاد المعرفة



يشهد العالم اليوم تطورا ملحوظا في الدور الذي تلعبه المعرفة والمعلومات في الاقتصاد، فالمعرفة أصبحت محرك الإنتاج والنمو الاقتصادي، وأصبح مبدأ التركيز على المعلومات والتكنولوجيا كعامل من العوامل الأساسية في الاقتصاد من الأمور المسلم بها، وبدأت تظهر مصطلحات تعكس هذه التوجهات منها " اقتصاد المعرفة"، ويتضمن هذا الاقتصاد كافة المعارف التي يُمكن أن تُسهم في العطاء الاقتصادي، لأنه لا يقوم فقط على توفير المعلومة، ولكنه يهدف إلى توفير الأدوات المناسبة لتنظيم هذه المعلومة وترشيحها وتقطيرها في صورة مفاهيم ومعارف يمكن تطبيقها عمليا في حل المشكلات، ففي اقتصاد المعرفة تتقدم المعرفة على العلم.
اقتصاد المعرفة:
لكن ما هو اقتصاد المعرفة؟ وما هي مقوماته؟ وما هي خصائصه؟
اقتصاد المعرفة هو الاقتصاد الذي يحقق منفعة من توظيف المعرفة واستغلال معطياتها في تقديم مُنتجات أو خدمات متميزة يُمكن تسويقها وتحقيق الأرباح منها، وتوليد الثروة من خلالها، أي أن الاقتصاد المعرفي يقوم بتحويل المعرفة إلى ثروة، فأساس العطاء الذي يُقدمه اقتصاد المعرفة سواء من التقنيات الرقمية، أو من التقنيات المُتقدمة الأخرى، أو حتى من التقنيات المعلوماتية والثروات الكلاسيكية، هو عطاء يستند إلى التطور المعرفي.
ويعتمد اقتصاد المعرفة بشكل أساسي على فعالية الشركات في جمع المعرفة واستعمالها لرفع الإنتاجية، وتوليد سلع وخدمات جديدة توزع عبر الشبكات الإلكترونية، التي تتغير المعلومات فيها بمعدلات سريعة، لذا فهذا الاقتصاد يتطلب نوعاً جديداً من التعليم والتدريب، كما يتطلب أيدي عاملة مؤهلة تستطيع التعامل مع تكنولوجيا المعلومات.
مقوماته:
ويقوم اقتصاد المعرفة على فهم جديد أكثر عمقًا لدور المعرفة ورأس المال البشري في تطور الاقتصاد وتقدم المجتمع، وعلى التوظيف الأمثل للثورة المعلوماتية والرقمية التي أفرزتها التطورات الحديثة في مجال تكنولوجيا الاتصال، حيث أصبحت المعرفة قيمة اقتصادية في حد ذاتها تحقق القيمة المضافة من خلال إنتاج المعرفة وتسويقها، ويرتكز هذا النوع من الاقتصاد على خصائص أساسية، منها توفير الدولة الإطار الاقتصادي الملائم، وتقديم الحوافز المشجعة في مجال الأعمال، وربط التعليم والتكوين المستمر بتكنولوجيات الاتصال والمعلوماتية لبناء الأرضية الأساسية لاقتصاد المعرفة، والتركيز على البحث العلمي وربطه بمؤسسات الإنتاج، وتوفير بنية أساسية متطورة في مجال الاتصال وتكنولوجيا المعلومات.
سمات:
ومن سماته القدرة على التعلم والتنظيم والابتكار في المنظومة الاقتصادية، حيث حلَّت المعرفة المستقاة من المصادر العلمية والتقنية محل رأس المال وغدت المصدر الرئيسي للنمو، وباتت تستثمر كعنصر أساسي لتعزيز الميزة التنافسية للشركات.
وفي اقتصاد المعرفة تتميز المعرفة بالملكية التعددية غير المحدودة وهذا ما يحول اقتصاد المعرفة إلى اقتصاد الوفرة، نتيجة لتقاسم المعرفة، ففي ظل اقتصاد المعرفة إذا قام المرء ببيع المنتج المعرفي ، فإنه يظل عمليًا يمتلك المعرفة الكامنة فيه، كما أن الذي يشتري هذا المنتج المعرفي يمتلك عملياً المعرفة الكامنة فيه، بمعنى قدرته على استخدام نتاج هذه المعرفة والاستفادة منه حتى ولو كان غير قادر أو غير مؤهل لتجسيد هذه المعرفة في منتج جديد.
كما أن الاقتصاد المعرفي يجعل عرض المنتج هو الذي ينشأ الطلب عليه، وهذا يعني أن قدرات المجتمع الإنتاجية صارت أكبر من احتياجاته ، وأن العرض صار أكبر من حيث الكم وأفضل من حيث الجودة وأثرى من حيث التنوع، وهذا على عكس ما هو متعارف عليه في الاقتصاد التقليدي حيث يكون الطلب هو المحدد للعرض.
ويتميز اقتصاد المعرفة بأنه اقتصاد اللا ملموسات، أي اقتصاد اللا وزن واللا حجم، فأصوله الأساسية هي الأصول المعرفية، ورأس ماله المعرفة.
كما يتميز اقتصاد المعرفة بالسرعة الفائقة، حيث يعتمد على الأقمار الصناعية والبريد الإلكتروني وشبكة الإنترنت وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، وتساعد هذه السرعة على كسر حاجزي الزمان والمكان، نتيجة لتوظيف تقنيات الواقع الافتراضي والتعامل في الفضاء المعلوماتي، حيث أصبح من الممكن إنشاء شركات افتراضية، و أسواق افتراضية تستثمر خلالها معايير السرعة ، وتعتبر التجارة الإلكترونية واحدة من أبرز تجليَّات ظاهرة كسر حاجزي الزمان والمكان في اقتصاد المعرفة.
وتنعكس هذه السمات على جميع جوانب الحياة الاقتصادية وغير الاقتصادية، سواء على المستوى المحلي أو على مستوى الاقتصاد العالمي والعلاقات الاقتصادية الدولية، فقد بدأت الأسواق في العصر الجديد تتراجع لصالح الشبكات، وبعد أن كانت مقايضة الملكية هي السمة الأساسية بين البائع والمشتري في العصر الصناعي أصبحت تحل محلها علاقة تبادل قصيرة الأجل بين من يقدم السلعة وبين المستخدم" العميل" عبر الشبكة الإلكترونية، مما سيؤدي إلى تضاؤل دور الأسواق التقليدية مستقبلا أمام التسويق الإلكتروني والتجارة الإلكترونية التي تزول فيها الحدود تدريجًيا بين التجارة الداخلية والخارجية، فالأفكار الجديدة والابتكارات – وليس السلع المادية – هي التي تعكس القيمة والقوة الحقيقية للشركة، فالثروة لم تعد تتجسَّد بما تملكه الشركة من سلع وخدمات، بقدر ما تتجسَّد بما تملكه من رأسمال معرفي.
دور مهم:
ويلعب الاقتصاد المعرفي دورا مهما في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فمع ازدياد استخدام المعرفة والمعلومات والتكنولوجيا أصبح الاستثمار في المعلومات أحد عوامل الإنتاج وتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على المنافسة و الاندماج ، حيث يزيد من الإنتاجية ومن فرص العمل، فالدول التي تحقق أعلى معدلات النمو الاقتصادي هي التي تمتلك إمكانيات معلوماتية أكثر تقدماً.
كما أنه يوفر وظائف ليس للمؤهلين معرفياً فقط، بل للمبدعين والمبتكرين أيضاً، ولأصحاب المهارات، أي أن اقتصاد المعرفة لا يولد الثروة فقط، بل يُقدم فرص عمل جديدة أيضا.
لذا بات من الضروري تفعيل الجهود للانتقال إلى الاقتصاد المعرفي نظراً لدوره الكبير في تحقيق التنمية البشرية وتحقيق معدلات نمو اقتصادية عالية والتي نحن بأمس الحاجة إليها، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي يعيشها العالم حالياً .

___________________________



عبدالله بن علي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:28 AM.