حول العالم
كم خروفاً يتحمل الراتب؟
فهد عامر الأحمدي
لاأعلم ما هو سرّ عزوفنا عن الخرفان الاسترالية والنيوزلندية (التي رأيتها بنفسي تأكل عشبا طبيعيا أخضر) وإقبالنا على خرفان محلية تجبر على أكل الخبز المتعفن والشعير المصنع (ناهيك عن الكراتين وأكياس الزبالة والحفائظ المستعملة)!!
... وهذه المفارقة خطرت ببالي أثناء تواجدي في سوق الغنم لشراء خرفان تضحي بحياتها لصنع "مفطحات" أجمع عليها أقاربي بعد طول غياب.. ولأنني نادرا ما أشتري الخراف بنفسي ولأن والد زوجتي يحضرها لبيتنا مجانا فوجئت بالأسعار السائدة هذه الأيام والتي تجاوزت 1500 ريال لكل خروف..
وحينها فقط تذكرت الخراف النيوزلندية المرفهة التي تعيش في جنة أرضية قوامها العشب الأخضر والسماء الممطرة والبيئة النظيفة (حيث لا زبالة ولا كراتين ولا خبز متعفن).. ولأنها لا تكلف أصحابها شيئا كونها تأكل وتشرب من خيرات الأرض ولأن أعدادها تفوق أعداد المواطنين بأربعة أضعاف، تباع بأسعار رخيصة فعلا (بل وتترك حتى تموت بنفسها مكتفين بجز صوفها مرة أو مرتين في العام).
وفي المقابل؛ تعمل بيئتنا الجافة وأرضنا المقفرة على رفع أسعار اللحوم الحمراء لدرجة تفوق إمكانات المواطن البسيط (خصوصا في ظل تكرارنا لكلمة حياكم الله)!!
... والمشكلة لا تنتهي عند سعر الخروف فقط حيث تبدل النظام الغذائي للمواشي المحلية (من العشب الأخضر للحبوب والأغذية المصطنعة) يتطلب حقنها بشتى أنواع المضادات والهرمونات والحقن البيطرية..
فحين يختفي العشب الطبيعي يبدأ المربون بالبحث عن بدائل غذائية شاذة وغير مكلفة مما يتسبب بمرضها واختلال نموها.. فجنون البقر الذي اصاب ماشية العالم قبل أعوام كان سببه جشع مربي الماشية الذين لم يراعوا التوازن الطبيعي فى طعامها؛ فبدلا من الاقتصار على الاغذية النباتية اجبروها على تناول بقايا الابقار الميتة ومساحيق الدماء الجافة اقتصادا فى التكاليف وطمعا فى المزيد من اللحم والدهن.
وحين انتشرت لدينا حمى الوادي المتصدع قبل سنوات امتنع كثير من الناس عن تناول الخرفان والمواشي وحق لهم ذلك خشية أن تكون مريضة أو متخمة بالمضادات واللقاحات الطبية (لدرجة استعملوا الدجاج في حفلات الزفاف/ قبل أن يعودوا لرشدهم خوفا من إنفلونزا الطيور)!!
أيضا؛ بالإضافة لمشاكل الاختلال الغذائي لاننسى الاستعمال الكبير لهرمونات النمو في المواشي التي نأكلها.. فحُقن الهرمونات أصبحت تستعمل على نطاق واسع لتسمين المواشي والدواجن والطيور خصوصا في الدول التي يفوق فيها الطلب حجم العرض..
والمشكلة أن الهرمونات المستعملة في التسمين هرمونات اصطناعية يصعب على الجسم تفكيكها والتعامل معها بشكل مأمون.. فهذه الايام اصبح إنتاج هرمونات النمو تجارة ضخمة تتنافس عليها شركات صناعية كبيرة لا وقت لديها لانتاج الهرمونات بصورة طبيعية لتكلفتها العالية وبطئها الشديد. وهناك دراسة إيرلندية تشير إلى أن الدجاجة الواحدة تستهلك خلال فترة التسمين شريطا كاملا من اقراص منع الحمل (التى نعرفها جميعا) والتى تضم هرمون الاستروجين.. ومن وجهة نظر طبية تخل هذه الهرمونات الانثوية بالتوازن الهرمونى فى اجساد الذكور الامر الذى يسبب ضعف القدرة الجنسية وتناقص الحيوانات المنوية وتضخم أثداء الرجال (...ومن يقبل إهانة كهذه!؟)
... باختصار شديد :
حان الوقت للتحول لمصادر غذائية بديلة واستيراد لحومنا من مناطق تربى فيها بشكل طبيعي وكلفة أقل.. ففي حين تموت الخرفان في استراليا ونيوزلندا بسبب الشيخوخة وتنظم حملات لقتل مزايين الإبل بسبب تكاثرها الطبيعي، تسبب كلمة (حياكم الله) في إفراغ محافظنا (والنعيمي) في شحننا بمختلف أنواع الحقن والمضادات..
http://www.alriyadh.com/2010/09/28/article563173.html