أرجوك لا تنتقل.. سنجدد لك بنصِف قيمة الإيجار!
فهد حجازي
أسواق العقار السكني والمكتبي في المملكة كما هي باقي القطاعات الاستثمارية لا يبدو أنها تخضع لأي من القواعد الاقتصادية المعروفة بما في ذلك قانون العرض والطلب، وهي في الغالب تخضع لقانون المالك أو المستثمر العقاري الذي يضع صوب عينيه قيمة التأجير التي لا يتنازل عنها حتى لو بقي العقار غير مأهول لسنين طويلة متناسياً أو بالأحرى متجاهلاً للقيمة الزمنية للنقد وثأثيراتها السلبية في الاستثمار العقاري. هل سيدوم هذا الوضع لمدة طويلة على عاتق المعطيات العقارية المستجدة على الأقل في مدننا الكبرى؟.
هناك مقولة معروفة كثيراً ما يرددها الاقتصاديون مفادها أنه إذا عطس الاقتصاد الأمريكي، فإن باقي اقتصادات العالم تُصاب بالإنفلونزا. لنقم بتطبيق المقولة نفسها على أنه إذا عطس سوق الرياض العقاري تُصاب بقية أسواق العقار في المملكة بالإنفلونزا. لذلك سنرى ما المعطيات العقارية المستجدة في الرياض ونحكم بذلك إذا كان الوضع الحالي للحركة العقارية سيستمر بالعمل على النمط البعيد نفسه عن تطبيقات النظريات الاقتصادية.
من يرى الذي يجري في مدينة الرياض من مشاريع إنشائية جبارة تأخذ حيزاً في جميع الاتجاهات تقريباً، يعي تماماً أن الدولة ــ رعاها الله ــ في طور تغيير النمط التوسعي العمراني من التوسع السطحي إلى التوسع العامودي، أضف إلى ذلك ما تقوم به الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض من إنشاء مدن مصغرة في أحياء مختارة بعناية، حيث يتوافر في تلك المدن جميع احتياجات المواطن والمقيم من فروع الدوائر الحكومية وما إلى ذلك، إذن هناك توجهه إلى اللامركزية في التعامل مع الزيادة المطردة في الكثافة السكانية التي تعيشها مدينة الرياض.
دعونا نركّز على أحد المعطيات الكبرى والمهمة التي تتسابق مع الزمن والتي في رأيي الشخصي ستحدث تغييرا جذريا في التعامل مع أسواق العقار المكتبي والسكني في المستقبل القريب. مركز الملك عبد الله المالي الذي يقع في شمال مدينة الرياض ويُبنى على مساحة 1.6 مليون متر مربع ، بدأت ملامحه تظهر للعيان، أبراج شاهقة، عمائر سكنية متكاملة، مكاتب متنوعة، مساجد ، أسواق كبرى، فنادق عالمية، مراكز ترفيهية، أي مدينة مالية متكاملة. تملك المؤسسة العامة للتقاعد نسبة كبيرة منها وهي عبارة عن أبراج يراوح ارتفاعها أقل من 80 متراً إلى 138 متراً ، هذا إضافة إلى المباني الخِدمية الأخرى المنخفضة الارتفاع، وهناك الأبراج والمباني التي لا تخص المؤسسة العامة للتقاعد وهي (هيئة السوق المالية، شركة السوق السعودية تداول، مركز التجارة العالمي، سوق السلع، مجموعة سامبا المالية، مجموعة الراجحي المصرفية، مصرف الإنماء، صندوق الاستثمارات العامة، بنك الخليج المركزي) وعلى
حد علمي أن هذه المنشآت ستبني أبراجا تفوق حاجتها الاستيعابية بثلاثة أضعاف، باقي الأدوار بالطبع ستعرض للإيجار. بانتقال كل هذه المنشآت وما يتبعها من الشركات المالية المصرح لها إلى المدينة المالية، ربما سيحدث ذلك تأثير مضاعفا على أسواق العقار، حيث يصبح هناك فراغ كبير في العقارات الحالية التي تشغلها هذه المنشآت, أضف إلى ذلك هذه الفراغات الاستيعابية المهولة المستحدثة في المدينة المالية.
سيتوقف الهبوط المتوقع على الأسعار في السوق العقاري كثيراً على المؤسسة العامة للتقاعد بحكم أنها المالك الأكبر للعقارات الاستيعابية في مدينة الملك عبد الله المالية، فإذا كان النهج المُتّبع تشجيعيا من الناحية التسعيرية، حيث يكون المرتجى منه هو سرعة ملء هذه الفراغات الاستيعابية، سيروق ذلك ويتماشى مع استراتجيات خفض المصاريف للشركات المالية ، وبالتالي تبدأ عملية النزوح وخلق الفراغ المرتقب في العقارات المستأجرة الحالية، وهذا بشكل أو بآخر سيؤثر في مستويات تأجير العقارات إجمالاً. من هذا المنطلق يمكن للمؤسسة العامة للتقاعد أن تلعب دور صانع السوق العقارية في المملكة وتعديل الآلية المتبعة لترضخ للقوانين الاقتصادية من العرض والطلب والقيمة الزمنية للنقد.
لكم دعائي بدوام الصحة والعافية، وكل عام وأنتم بخير.
http://www.aleqt.com/2010/08/12/article_428913.html