اقتصادنا واقتصادهم!

خالد قماش

والسماء تمطر على شاطئ ما في بلدة صغيرة تبدو مهجورة تماما. فهي مثل غيرها من المدن تمر بظروف اقتصادية صعبة والجميع غارق في الديون، ويعيش على السلف.
فجأة، يأتي رجل سائح غني إلى المدينة ويدخل الفندق ... ويضع 100 دولار على كاونتر الاستقبال، ويذهب لتفقد الغرف في الطابق العلوي من أجل اختيار غرفة مناسبة.
ــ في هذه الأثناء يستغل موظف الاستقبال الفرصة ويأخذ المائة دولار ويذهب مسرعا للجزار ليدفع دينه.
ــ الجزار يفرح بهذه الدولارات ويسرع بها لتاجر الماشية ليدفع باقي مستحقاته عليه.
ــ تاجر الماشية بدوره يأخذ المائة دولار ويذهب بها إلى تاجر العلف لتسديد دينه.
ــ تاجر العلف يذهب لمرأة تبيع في المدينة لتسديد ما عليه من مستحقات متأخرة.
ــ المرأة تركض مسرعة لفندق المدينة (حيث يعمل موظف الاستقبال في أول القصة)، لتسدد ما عليها من أجرة الغرفة التي تقيم فيها.
ــ موظف الاستقبال يعود ويضع المائة دولار مرة أخرى مكانها على الكاونتر قبل نزول السائح الثري من جولته التفقدية.
ينزل السائح والذي لم يعجبه مستوى الغرف ويقرر أخذ المائة دولار ويرحل عن المدينة ... ولا أحد من سكان المدينة كسب أي شيء.
هكذا، أيها السيدات والسادة، تدير حكومة الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديات العالم!.
ولكن كيف ندير اقتصادياتنا الفردية والجماعية؟!.
تستلم الراتب وقد اقتطع البنك ثلثه لأقساط سيارة أو أرض أو قرض، وأخذ ضعفه أرباحا ربوية، ثم تسدد البقالة التي يدير اقتصادها الوافد البنغلاديشي، وتسدد (مكرها أخاك لابطل) لشركات الاتصالات والكهرباء التي تجلدك بفواتير خيالية نظير خدمات رديئة ومتذبذبة..
وتملأ سلال همومك وأشيائك بما يشترى ومالا يشترى!
والسؤال الأكثر أهمية ..
كيف ندير اقتصاد البلد؟
نستهلك .. نرمي .. نستورد ..
نستهلك .. نرمي .. نستورد..
ونرمي ..
ن
ر
م
ي
ويكفي!.

http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0805365580.htm