نبغى فلكة
عبده خال
سعر الطماطم بِكم اليوم؟
هذا السؤال لا أحد منا يسأله بتاتا، ووضعه بهذه الصيغة يذكرني بأيام الجلد في المدارس حين يجلس الطالب رافعا قدميه لتوضعا في الفلكة ويتلقى نصيبه من العصى من غير أن يسأل: كم عصا سوف يأخذ.
وتسعيرة العصي التي كنا نتلقاها كان يفرضها في كل صباح أحد المدرسين، وغالبا ما تكون تسعيرة مدرس الحساب تسعيرة حراقة.
هذا المشهد الماضوي الذي تستجلبه الذاكرة يأتي مقرونا مع السؤال الذي بدأت به المقالة: ــ سعر الطماطم بكم اليوم؟
ولأننا ظللنا سنوات طويلة لا نسأل عن أسعار السلع التي نستهلكها، لم نكن مهتمين ببورصة الخضراوات أو الملبوسات أو النفط نفسه،
ومع كركبة الدنيا بأسرها، لم يعد أحد فينا إلا ويسأل: هذا بكم؟
وبكم هذا، جعل الحاسبة تعمل بيد كل واحد منا، ففي زمن ظهور الحاسبة لم نكن نستعملها إلا (للوغارثمات وحساب الجتا والظتا والجا)، أما الآن ستجد الكثيرين يجمعون ويطرحون أمام رجل الكاشير، ولأن التسعيرة الحارقة متواجدة في كل جهة وفق المدرس الذي يضع تلك التسعيرة، فنحن نتلقى فلكة الأسعار من غير أن نسأل: وبكم اليوم حننضرب!! يعني لو تدخلت وزارة التجارة ونافست هيئة سوق المال بوضع بورصة للأسعار يتم الإعلان عن أسعار السلع يوميا لأراحت الكثيرين ممن يمسك بالآلة الحاسبة أمام الكاشير. أقلها سوف يتابع كل منا شاشة التلفاز لرؤية الأسهم الحمراء والخضراء ليصبح كل منا مشغولا بهمه،
لذلك نحن نطالب ببورصة محلية مرتبطة عالميا بأسعار البطاطس والكوسا..
أو أن تعاد الفلكة إلى أقدامنا، فثمة رابط قديم بين تلقي العصي وتلقي الفجيعة، وفي الحالتين لن نسأل كم سعر الطماطم اليوم.
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0627358317.htm