امسـح نظّارتـك
*د.عبد العزيز المقبل
ذات يوم كنت مسافراً
وكان الجو يبدو قاتماً
وكنت أحاول فتح عيني بأوسع دائرتيهما، لأحظى بأكبر قدر من الرؤية، انعكس الأمر على وضعي النفسي، فشعرت بضيق شديد.. اضطررت – أخيراً – إلى أن أوقف على جانب الطريق انتظاراً إلى أن يستعيد الجو عافيته لأواصل مسيري
خلعت نظارتي لأريح عيني أثناء التوقف..
وأطلقت ضحكة طويلة أزالت كدر النفس (المتراكم) من (قتامة) الجو..
كانت مفاجأتي أن (الكدر) ليس في الجو
ولكنه في نظارتي
فما إن مسحت نظارتي حتى كان الطريق (مغرياً) لي بمواصلة السير
*******
تذكرت وقتها كيف أن كثيرين ينظرون إلى بعض الأمور، أو بعض الأشخاص نظرات (معلبة)، لكنها ليس لها مدة (صلاحية) محددة.. فيظلون يهابون الإقدام على تلك الأمور، نتيجة لنظرات تكونت عنها ـ في نفوسهم ـ عبر الزمن، وسط ظروف وأجواء معينة. ولو أن هؤلاء تخلو عن نظراتهم لحظة، واقتحموا تلك الأمور لأدركوا وقتها أن (العيب) ليس في تلك الأمور، ولكنه في نظارات نفوسهم فهم لو نظفوها وأقدموا، لاتضحت لهم تلك الأمور على حقيقتها
وهناك آخرون (تتشكل) نظرتهم إلى بعض من حولهم من أهل أو أصدقاء أو زملاء أو جيران، وسط أجواء نفسية، قد يكون لوّنها موقف ما، جرى تفسيره بطريقة سلبية، أو حتى تكرر سماع أحكام من أشخاص مأسورين بموقف.. فيمثل لهم ذلك (نظارة) قاتمة يرون بها ذلك الشخص، أو أولئك الأشخاص.. ولو أنهم (نظفوا) نظارة نفوسهم من غبار تلك التصورات والاعتقادات، فسيكتشفون أنهم مختلفون جداً عن تلك النظرة السلبية، التي حبستهم فيها تلك النظارة
*******
أليس من الأجمل أن نعتاد (مسح) نظاراتنا باستمرار، حتى لا يشكل الغبار – مهما كانت خفته – طبقة قد تغير