أكثر من 89% من السعوديين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص مقترضون
بلغت قروض القطاع العائلي المصرفية (القروض الاستهلاكية + قروض بطاقات الائتمان) 189,2 مليار ريال بنهاية الربع الثالث من عام 2009م. وقد شهدت هذه القروض معدلات نمو مرتفعة قبل عام 2006م (كما يوضح الرسم البياني أدناه) بسبب فقاعة سوق الأسهم، فخلال الفترة من عام 2002م إلى 2005م ارتفع المؤشر العام لسوق الأسهم بمتوالية هندسية من مستوى 2000 إلى 4000 إلى 8000 إلى 16000 نقطة.
يتم سداد قروض القطاع العائلي المصرفية من خلال الأقساط الشهرية التي لا تتجاوز ثلث المرتب، ومؤسسة النقد العربي السعودي تلزم البنوك بعدم تجاوز فترة استحقاق القروض الاستهلاكية لخمس سنوات (ويستثنى من ذلك القروض العقارية)، وكان من المتوقع أن ينخفض حجم قروض القطاع العائلي المصرفية بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات من انهيار سوق الأسهم في فبراير 2006م. إلا أن حجمها استقر فوق مستوى 183 مليار ريال حتى نهاية الربع الثالث من عام 2009م.
استقرار قروض القطاع العائلي المصرفية خلال السنوات الثلاث الماضية يعني أن كل الأقساط الشهرية التي يتم تحصيلها خلال العام يتم إعادة إقراضها مرة أخرى، ومؤدى ذلك أحد أمرين:
إما أن معظم الأفراد يقومون بعمليات تجديد القرض؛
أو أن عدد الأفراد المقترضين في نمو مستمر.
إجمالي قروض بطاقات الائتمان بلغ 8,8 مليارات ريال بنهاية الربع الثالث من عام 2009م. وإذا افترضنا أن متوسط حجم القروض لكل عميل يبلغ 10 آلاف ريال؛ فهذا يعني أن عدد الأفراد المدينين للشركات الائتمانية يصل إلى 882,8 ألف عميل، يوجد لدى بعض العملاء أكثر من بطاقة ائتمانية، لكننا لن نكترث كثيراً بهذا الرقم بل سنركز على تقدير عدد الأفراد الحاصلين على قروض استهلاكية من المصارف التجارية.
بلغ حجم قروض الأفراد العقارية من المصارف التجارية 17,1 مليار ريال بنهاية الربع الثالث من عام 2009م، وإذا افترضنا أن متوسط حجم القروض القائمة يصل إلى مليون ريال؛ فلدينا 17,1 ألف مقترض. أما حجم بقية القروض الاستهلاكية (سيارات ومعدات وأخرى) فقد بلغ في نفس التاريخ 163,2 مليار ريال، وإذا افترضنا أن متوسط حجم قروض الأفراد القائمة يصل إلى 100 ألف ريال؛ فلدينا 1,63 مليون مقترض. وبالتالي فإن عدد الأفراد الحاصلين على قروض استهلاكية من المصارف التجارية يصل إلى 1,65 مليون مقترض. وإذا افترضنا أن 10 في المئة منهم أجانب، فإن عدد السعوديين المقترضين من المصارف التجارية يصل 1,48 مليون مقترض. وهؤلاء يمثلون 89,5 في المئة من إجمالي عدد السعوديين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص البالغ عددهم 1,66 مليون موظف في نهاية عام 2008م.
هذه الأرقام تضعّف من احتمالية تنامي عدد الأفراد المقترضين من المصارف التجارية، وترجح أن استقرار مديونية القطاع العائلي خلال الثلاث سنوات الماضية ناتجة عن عمليات تجديد القروض المصرفية التي يقوم بها الأفراد. خاصة أنه لا توجد حاجة لإعادة تقييم المحافظ الائتمانية لبعض المصارف التجارية لأن هذا النوع من القروض قليل المخاطر،واحتمالية تعثر الأفراد في السداد محدودة جداً، وهذا يعني أن القطاع العائلي واقع في المصيدة رقم 22 "Catch-22" (لكي تحصل على وظيفة لابد أن يكون لديك خبرة، ولكي يكون لديك خبرة لابد أن تحصل على وظيفة). فلكي يستطيع القطاع العائلي تخفيض قروضه لابد أن يكون قادراً على الادخار، ولكي يكون قادراً على الادخار لابد أن يتخلص من القروض.
هذه الحالة تحد من قدرة القطاع العائلي على امتصاص الصدمات والتفاعل مع متغيرات الاقتصاد المحلي والعالمي. فمع بداية أزمة الائتمان العالمية انخفضت القروض الاستهلاكية بمقدار 4,3 مليارات ريال فقط خلال الفترة من سبتمبر إلى ديسمبر 2008م، في حين لو افترضنا أن متوسط الأقساط الشهرية يبلغ 2000 ريال، فلابد أن ينخفض إجمالي القروض المصرفية بمقدار 3,3 مليارات ريال شهرياً، أي 9,9 مليارات ريال خلال ثلاثة شهور، أي إن القطاع العائلي قد اقترض (أو جدد قروضه) بحوالي 5,6 مليارات ريال خلال أصعب فترات الأزمة المالية العالمية.
http://www.alriyadh.com/2009/12/29/article485085.html