السعر الطبي للحياة
الخميس, 31 ديسيمبر 2009
عبدالعزيز السويد
من الملفت في مستجدات قضية وفاة الطبيب طارق الجهني رحمه الله تعالى أن وزارة الصحة سارعت إلى إغلاق قسم العمليات أو جزء منه في المستشفى الخاص، من متابعة لأخطاء طبية كثيرة أعتقد أن هذا يحدث للمرة الأولى، وقبل صدور قرار من اللجنة الطبية الشرعية! هو أمر جيد وهو يعني أن الوزارة إذا أرادت فعلت! يعيد هذا للأذهان مستوى اهتمام الوزارة بوفيات أخطاء طبية أخرى لنرى التباين، أتذكر قبل عامين وفاة الطفلة «سمية» في مستوصف خاص في الرياض، اشتكت «سمية» - وهي في كامل حيويتها - من أحد أسنانها وعالجها طبيب بخطأ طبي وتوفيت، وتم التعامل مع الحالة بتبلُّد، بقي المستوصف يعمل والطبيب يعمل والمعاملة توقفت عن الدوران، حتى تدخّل أحد الوجهاء لتحريكها بعد أن صرخت والدة سمية طالبةً النجدة.. ولم نعلم عن إجراء اتُّخِذْ.من المؤسف أن قيمة الإنسان - طبياً - لدينا لا تتجاوز مئة ألف ريال، حتى بعد الضوابط التي أعلنها وزير الصحة، هذا إذا استطاع المتضرر خوض معركة رفع القضايا ضد تجار الطب والمهملين، مع كل ما يقال عن قيمة الإنسان في مجتمعنا ولا يطابق ما يفعل.
المشكلة الرئيسية أن الجهات التي تحقق هي من رحم المنشأة التي وقع فيها الخطأ، وأن الجهات التي تُرفع لها الشكاوى تعيدها للجهة نفسها المُشتكى منها.. لتنام أو يتم تخديرها، والعلاقات الشخصية والعملية مؤثرة هنا، فإذا تداخلت معها مصالح متوقعة لا تستغرب النتائج.
في قضية المرحوم الدكتور طارق تستطيع معرفة الملابسات عندما تقرأ حديث شقيقة زوجته لـ «عكاظ»، السيدة نادية بندقجي وهي استشارية جراحة تجميل، تحدثت عن تدني مستوى الاهتمام بالمريض، فلم يزره قبل التجهيز للعملية سوى الطبيب المقيم، بقيت القصة المؤلمة.. غيبوبة ثم وفاة. هذا الركض المحموم لتحقيق أعلى معدل للعمليات والأموال، مع إعلانات تخطف الأبصار وصمت إعلام، هو ما يكشف حقيقة تجارة الطب في بلادنا، الغرامات مهما كانت، أمرها متيسر ولن تشكل نسبة تذكر من الأرباح.
من المسؤول عن هذا الوضع؟ أعتقد أنه ذاك الذي فتح الأبواب على مصراعيها «لحرية الأسعار»، من دون أنظمة صارمة للجودة، والمطلوب أن يُعاد النظر في عدد العمليات والحالات التي يراها الطبيب كل يوم، لأن ما يحصل هو عمليات «ترحيل» في باص، الله وحده أعلم بوجهته.
من هنا لا تستغرب شكاوى أطباء من تشغيلهم من دون رخص في جدة وربما في غيرها، وفي هذا نقلت الصحيفة عن أطباء التالي: «وبالعودة إلى تفاصيل شكوى الأطباء أكدوا أن موظفين في الشؤون الصحية في جدة يعملون في وظائف مسائية داخل المستشفى الخاص ويتغاضون عن مخالفات الإدارة». (انتهى)
لماذا يحدث هذا؟ فتش عن الإدارة العليا والإشراف واهتمامات القائمين عليها وأولوياتهم.
http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/92243