علي سعد الموسى
متوسط دخل السعودي
يطربني خبر مثل ذاك الذي يقول إن المعدل المتوسط لدخل الفرد السعودي ارتفع هذا العام بمقدار 19% عن العام السابق ليصل إلى 70 ألف ريال في العام الجاري. أنا لا أناقش الرقم ولكنني أجادل حول الآلية والمنهج والأدوات التي قادت لمثل هذا الإحصاء. والخبر لا يعني، في القراءة الساذجة، أن كل طفل سعودي يبلغ نصيبه 70 ألفاً من هذا المبلغ، لأنها دراسة وسطية: هي باختصار حجم المال المتداول قسمة على عدد السكان ولكن: من هو الذي يضلل صاحب القرار في التخطيط وفي الاقتصاد الاجتماعي بمثل هذه الأرقام؟ من هو الذي يحاول وضع – الشمام الشتوي – في بطن المسؤولين عن التنمية المتوازنة العادلة كي يقنعهم، ولو بالمعدل الوسطي، أن أسرة سعودية من ستة أشخاص (معدل عدد الأسرة السعودية التقريبي) تحصل في العام الواحد على أكثر من 400 ألف ريال؟ هؤلاء الذين يعلنون مثل هذه الإحصائيات يظنون، فيما أظن، أننا جميعاً من سكان حي الشاطئ الجداوي أو المحمدية في الرياض أو حتى من مالكي قصور طريق السودة الأبهاوي. نحن في المعدل ثلاثة ملايين أسرة سعودية، ومع هذا تذكر أوراق وزارة الشؤون الاجتماعية الرسمية أن ما يقرب من ستمئة ألف أسرة يعيشون على مداخيل الضمان الاجتماعي فمن أين جاؤوا لنا بهذه الإحصائية المدهشة حتى ولو كانت في المعدل الوسطي؟ هذه الأرقام الخرافية لن تكون صادقة إلا إذا كانت تقسم الأغنياء إلى اثنين وحسابات التميز على سبعين.
ثم، وبالبلدي الذي لم يعتد لساني: من أين جاء لنا – قارئ الفنجان – بهذه الإحصائية الدقيقة وعلى أي رمل كان يضرب؟ أتذكر شخصياً أن آخر موظف إحصاء زارني كان قبل ست سنوات وإذا كنا لم نعلن بكل الدقة عدد السكان فكيف لنا أن نعرف إحصائياً عن مصطلحات جوهرية دقيقة مثل الدخل والمصروف والادخار ونسبة الأمية والبطالة؟
إذا كنا نتكلم أيضاً عن مفردات عن حاجات سوق العمل ونحن لا نعرف بالضبط ما هي هذه الحاجات وما هي التخصصات التي ما زالت الحاجة قائمة إليها بالفعل، إذا كنا لا نسمع بشيء اسمه المديرية العامة للإحصاءات إلا في نشرة أخبار التلفزيون فمن أين لنا بمثل هذه الإحصاءات المالية الدقيقة؟ بالمناسبة، دخل السعودي ارتفع هذا العام 19%. لاحظوا الدقة.
جريدة الوطن ـ الخميس 20 رمضان 1430 ـ 10 سبتمبر 2009 العدد 3268