حتى لاتكون حماية المستهلك حماية للتجار!
عبدالله مغرم
تصريح رئيس جميعة حماية المستهلك الأخير يشير ومن جديد إلى أن مبررات ارتفاع الأسعار زالت تماما وبدأت الساحة الدولية تلمس انخفاض الأسعار ونحن وإلى الآن لم نلحظ انخفاض الأسعار!
حيلة التجار الأزلية أن لديهم مخزونا بأسعار شراء مرتفعة! ولكن ما غفلوا عنه مرور قرابة عام على اندلاع أزمة الاقتصاد العالمي! أليست كفيلة بتصريف ما لديهم من مخزونات؟!، أم أن مصلحتهم تتطلب أن تبقى حيلة المخزون حتى يرث الله الأرض ومن عليها أو صدور قرار صارم ملزم بتخفيض الأسعار أو إلغاء نظام الوكالات!
خلال الشهر الفضيل نجد أن بعض المنتجات ارتفعت أسعارها 100 في المائة ودون أي رادع لماذا؟ لماذا كل هذا الاستهتار بحق المستهلك في الحياة بكرامة بعيدا عن ضغوط الحياة؟ أليس من حق المستهلك أن لايستغل من قبل حفنة من التجار الذين يتصيدون المواسم لتعظيم أرباحهم!
إن التحدي الكبير الذي سيواجه حماية المستهلك يكمن في تغيير النمط السائد الذي تعود فيه التجار أن يضعوا ملصق السعر الذي يحلو لهم وعلى المستهلك أن يدفع دون أن يكون هناك رادع لعقود من الزمان لارتفاع القوة الشرائية للمستهلك السعودي ورضوخه للتسعيرة التي يفرضها التجار نتيجة للاحتكار!
إنني لا أتساءل أين وزارة التجارة وما هو الدور الذي تقوم به خصوصا بعد تصريحات جمعية حماية المستهلك والتي تشير إلى أن المستهلكين تحت هيمنة التجار!!
تصريح وزارة التجارة السابق يشير إلى أن لدى الوزارة 7 موظفين فقط يعملون على مراقبة مليون متجر ومصنع وهذه شفافية تشكر عليها، ولكن إن كانت الوزارة لا تمتلك الكوارد البشرية الكافية لمراقبة المتاجر لماذا لا تحيل الرقابة على المتاجر إلى إحدى شركات القطاع الخاص ليقوموا بتلك المهمة، ويكون دور موظفي الوزارة السبعة الإشراف على أداء الشركة!
رئيس جمعية حماية المستهلك أشار في إحدى المقابلات التلفزيونية إلى أن الجمعية تعاني من شح في الموارد المالية، وسأجيب بأن الجمعية أهلية ويمكن التواصل مع المستهلكين لدعمها ماليا، ولو قدرنا جمع مبلغ مقطوع قدره 10ريالات من كل مستهلك في المملكة لتمكنت الجمعية من جمع قرابة ربع مليار ريال، أو كبديل آخر فرض رسوم على المنتجات تقدر بعدة هلالات عن كل منتج مباع ليتحول إلى الحساب المصرفي للجمعية شريطة أن تقوم بدور فاعل، وأن لاتكون تلك المبالغ نواة لمشاريع فساد!
جمعية حماية المستهلك في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال تقوم بدور توعوي رائع جدا حيث تقوم بتقسيم المنتجات حسب خصائصها ثم إيضاح أنواع عقود الشراء وإيجابيات وسلبيات كل نوع من العقود ونصائح عامة عند الشراء لتوعية المستهلكين بشراء المنتجات الأكثر ملائمة لهم، ويمكن لجمعية حماية المستهلك لدينا الاستفادة من ممارسات جمعيات حماية المستهلك حول العالم للاستفادة من خبراتهم بدلا من إعادة اختراع العجلة.
والسؤال الأهم كيف يمكن أن تثبت المبالغة في رفع الأسعار؟ وماهي الطريقة الأنسب للردع؟
يمكن مسح الأسعار عالميا ومقارنتها بواقع السوق المحلي وعلى أساس تلك المقارنة يسهل قياس مدى فلكية الأسعار، صحيح أن تلك الممارسات تتنافى مع مبادئ السوق الحرة ولكن في ظل الاحتكار يصبح التدخل إلى مثل هذه المستويات لزاما لحماية المستهلكين من الجشع!
يشير أيضا تصريح رئيس الجمعية والمنشور في عكاظ بتاريخ 15/8/2009 «إلى أن المواد الغذائية المستوردة لا تكون بجودة المواد الغذائية المحلية الطازجة لا من حيث اللون ولا الطعم ولا الرائحة ولا الأمان الصحي، وعادة تكون المواد الغذائية المستوردة محفوظة لأشهر عديدة ومضافا إليها بعض المواد الصناعية الضارة بالإنسان على المدى البعيد، فضلا عما يستخدم من مواد كيماوية أو هرمونية لإنتاج هذه المواد قبل حفظها، بعكس المواد الغذائية الطازجة والمنتجة محليا والخالية (تقريبا)» وهنا أتساءل كيف تتواجد تلك المنتجات في الأسواق؟ وأين الجمارك والهيئة العامة للغذاء والدواء ووزارة التجارة وغيرها؟ ألا توجد اشتراطات صحية واختبارات على عينات لتلك المنتجات قبل دخولها السوق المحلية؟ ألا توفر الاشتراطات الصحية مبالغ طائلة تنتج عن زيارة المواطنين للمستشفيات نتيجة لتناول تلك المواد الغذائية؟ ومن يتحمل فاتورة الأمراض وضعف الحالة الصحية التي يسببها تناول تلك المنتجات؟
ما نريده من جمعية حماية المستهلك أن تكون صوت المستهلك ليس فقط بإصدار التصاريح، بل يتعدى ذلك للتفاوض مع وزارة التجارة نيابة عن المستهلكين بإلغاء الوكالات التجارية أو امتيازات التصنيع الغذائي، وإعداد مسوحات والتقارير عن العادات الاستهلاكية في المجتمع، وخط ساخن للتبيلغ عن ارتفاع الأسعار والغش التجاري وعلى أثرها اقتراح لائحة تنفيذية حديثة لحماية المستهلك، وعندها ستسهل مكافحة الفقر وتسهل عودة الطبقة الوسطى لسالف عهدها نتيجة لاستئصال أحد الأسباب الرئيسية في شقائها.
maghrammba@gmail.com
http://www.okaz.com.sa/new/Issues/20...0906302998.htm