حينما قرر الصينيون شرب الحليب
صالح إبراهيم الطريقي
كنت في حضرة اقتصاديين بالدراسة والخبرة والفهلوة، وكان النقاش حول هذا الغلاء الفاحش الذي أصاب العالم بأكمله، ولأني لا أعرف الكثير في الاقتصاد، كان من الطبيعي أن أنصت أو أطرح سؤالا استفساريا يقتل جهلي.
أحد الاقتصاديين أكد أن أسباب ارتفاع الأسعار في العالم مرتبطة بعدة أمور أهمها أن الحضارة التي نعيشها مرتبطة ارتباطا كليا بالطاقة «البترول» وكل مرة يرتفع فيها سعر البترول يرتفع كل شيء.
أضاف آخر أن الصين والهند من أهم الأسباب التي أدت لارتفاع البترول، فالنمو الاقتصادي لديهم رفع دخل الفرد، فارتفع السعر.
وارتفاع دخل الفرد في الصين أدى لأن يشرب 500 مليون صيني الحليب في الصباح، مما أدى لارتفاع سعر الحليب، والهند التي تصدر الرز وضعت ضرائب على التصدير لأن المواطن أصبح قادرا على شراء الرز، ومن الطبيعي أن يقل التصدير.
أضاف ثالث: أن النمو في الصين رفع كل شيء، فهي المسؤولة عن ارتفاع سعر الحديد، لأنها أصبحت تستورد ما يعادل 450 مليون طن.
دكتور الاقتصاد كما قدم لنا قال بصوت رخيم وصارم وكأن الجميع طلاب في محاضرة له: القضية مرتبطة بالعرض والطلب، والطلب زاد على السلع فيما العرض ما زال كما هو، لهذا ارتفعت الأسعار.
ــ لست أدري لماذا الدكاترة يقولون البديهيات على أنها معلومات سرية لا أحد يعرفها سواهم؟
أحد الجالسين والصامتين قال: القضية ليس كما تقدمونها لنا، إن المسألة مرتبطة بمؤامرة أمريكية، وإنها مسؤولة عن هذا الغلاء من أجل تحطيم الصين حتى لا ينافسها أحد، وبسبب هذه الحرب الخفية أو المؤامرة العالم العربي يدفع الثمن.
بعد هذه الجملة، تخلى الجميع عن عقلانيتهم، وانتقل الحوار من شخص يتحدث أو يعلق فيما البقية يستمعون إلى حراج، كل شخص يتحدث مع من بجانبه، ولولا هذا الحراج لما انتبهت لظرافة من بجانبي الذي قال: لكي تبني إنسانا أصبح الأمر مكلفا وليس كما قبل، فزوجتي لتحافظ على جسدها لا ترضع طفلي، فأضطر لشراء حليب له، وبسبب 500 مليون صيني قرروا شرب الحليب دفعت الثمن أنا.
زد على هذا الهنود بدأوا يأكلون الأرز، فارتفع سعره، ولم ينتبه الأقرباء لهذا، وما زالوا على عادتهم كل أسبوع يطالبونني بالمفاطيح.
الخلاصة من كل هذا يا أخ صالح: بما أن تكلفة بناء الإنسان غالية جدا، لماذا لا ترتفع ديته التي ما زالت ثابتة؟
قلت له: لست أدري، ولكن هل تفكر في التضحية بأحد أطفالك لحل أزمتك الاقتصادية، كأن تضعه تحت عجلة سيارة؟
قال: أنا ليس لدي إلا طفل واحد، والظروف أحيانا تجعلك تضحي بشخص من أجل أن يعيش البقية، لكن ما تلاحظ أننا هنا نضحي بالمواطنين من أجل أن يعيش التاجر؟
المصدر