سوق السيارات في قطر تتداعى وسط جمود في الطلب

علي الدوايمة - الدوحة

#attachments { display: none; }تمر سوق السيارات بالعاصمة القطرية الدوحة بمرحلة سيئة نجمت عن إحجام البنوك عن التمويل، وضعف في الطلب، وتراجع في أسعار المبيع، وسط فقدان عاملين في هذه الصناعة لوظافهم. وقد أكد مستثمرون في تجارة السيارات المستعملة والحديثة بالدوحة أن جموداً في الصناعة قد تطور إلى شلل مطبق في مجال استثمارهم بالمركبات، ففيما تأثرت مدخرات المواطنين بتراجع أداء العقار والسوق المالية، يخشى مقيمون على مصيرهم في ظل ظروف العمل الصعبة، مؤملين النفس أن تطوى صفحة الأزمة المالية قبيل انتهاء الموسم المدرسي لأبنائهم، حتى لا تتحوّل إجازاتهم الصيفية السنوية إلى رحلة ذهاب دون عودة.

إحجام عن شراء السيارات

تسللت مخاوف البنوك من توفيرها لتمويلات لشراء سيارات إلى أسواق تلك المركبات مصيبة إياها بتوقف غير مسبوق، لتتعطل دورة النشاط الذي تبدأ المصارف عبره تمويلاتها وصولاً إلى المستهلك النهائي لتلك المركبات، وهو ما أدى لانقطاع الحلقة الوسطى من تلك العملية والمتمثلة بتجار السيارات الحديثة والمستعملة.

ويقول نائب رئيس مبيعات وتسويق شركة الفردان «بريمير موتورز» محمد قنديل لـ«الرؤية الاقتصادية» إن تحفّز العملاء لأي أنباء سلبية متصلة بالأزمة المالية العالمية وما يرتبط بذلك من ظروف العمل والتجارة، قد دفع كثيرين للإحجام عن اقتناء مركبات إلى حين ظهور بوادر إيجابية جديدة كفيلة باستعادتهم الثقة من جديد.

ويصف حال نشاط سوق السيارات الحالي بالقول «المواطن والمقيم يحجم عن الشراء ويترافق ذلك تكدس في المعروض، كما أن العروض الخاصة لم تفلح في تحفيز هؤلاء على شراء مركبات بأسعار تقل عن سابق عهدها».

ويذهب تاجر السيارات المستعملة في الدوحة نشأت الكسواني لأبعد من ذلك قائلا «لم أجد من يبتاع مركبتين أحتفظ بهما منذ أشهر، فالترقب يغلب على الجميع والأسعار تتهاوى من دون أن يبدي أحد رغبته في الشراء».

وربط ظروف ضعف الطلب في هذه الفترة بقرب موسم الإجازات السنوية والتي قد تدفع البعض لانتظار مستقبل ظروف عمله قبيل الإقدام على اقتناء مركبة، مفضلاً تسيير أموره في سيارته القديمة ريثما تتضح الرؤية».

وما ذهب إليه الكسواني يرويه نصر داوود الذي يؤكد أن تجارة السيارات أخذت تسجل انحداراً عمودياً سريعاً لم يمكن التجار من تلافي آثاره الجانبية عبر وضع السياسات الكفيلة بلجمه.

السيارات الأمريكية الأكثر تأثراً

لم يخطر ببال كثيرين أن تطال يد الأزمة المالية العالمية سوق السيارات في واحدة من أصغر بلدان العالم وأكثرها معدلاً لدخل الفرد الواحد، فمن الطبيعي أن تضرب تلك الأزمة مقر صناعة تلك المركبات في ديترويت وما حولها من جراء ضعف الطلب وانحسار التمويل، كما يمكن للكثيرين توقّع حصولها في بلدان مختلفة يعاني مواطنوها من ضعف المداخيل، ومتاعب تكاليف الحياة اليومية، إذ إن المعطيات التي ميزت قطر على مدى سنوات مضت لم تعد ذاتها سنداً لسوق مركبات بلغت ذروتها منتصف العام الماضي.

وفي هذا الصدد قال داوود «لم أشهد هذا المستوى من الضعف في الطلب على السيارات، كما أن هذا التراجع لم تلاقه رغبة الكثيرين بانتهاز الفرصة للشراء عند أسعار متدنية».

ويظهر أن العروض التي بدأت تقدمها وكالات السيارات الحديثة لم تؤت أكلها في سوق متداعٍ، إذ يشير قنديل إلى أن تلك التخفيضات لم تنل من ضعف السوق، وهو ما حدا ببعض الشركات لتقليل مستويات طلباتها المستقبلية، إذ لم تتمكن من وقف تلك المشتريات التي كانت قد تعاقدت عليها سابقاً.

وفي سياق طبيعة السيارات التي تضررت من جراء شح الطلب قال الكسواني إن أكثرها تراجعاً تلك المركبات الأمريكية، بيد أن اليابانية أصيبت بجمى الهبوط أيضاً بشكل لم تشهده منذ سنوات.

وقالت «تويوتا» أكبر منتجي السيارات في العالم إن مبيعاتها في يناير هبطت بنحو 57 % وصولاً إلى 488 ألفاً، كما قالت وصيفتها ومواطنتها «هوندا» إن نسبة التراجع لديها بلغت 44 بالمئة في الشهر المذكور مقارنة بذاته من العام 2008.

ويربط داوود ما يحصل من جمود بضعف سوق الوظائف للمقيمين الذين يشكلون نحو 80 بالمئة من عدد الدولة البالغ مجموعهم 1.6 مليون نسمة.

وأقدمت عدد من شركات التطوير العقاري والمقاولات فضلاً عن أخرى عاملة في الصناعة ومثالها «قطر للحديد» بتقليص العاملين لديها لمواجهة تداعيات الأزمة المالية، فيما قامت أخرى بخفض الأجور والرواتب لتقليص التكاليف.