عندما تخون سطوة "الإعلان" أمانة الكلمة : صحف محلية تجتزئ خطبة إمام الحرم لتستبعد نقده اللاذع للبنوك



جاءت خطبة إمام الحرم المكي الشريف أمس الجمعة مختلفة عن كل الخطب السابقة التي اعتاد سماعها المصلون والمتابعون عبر شاشات التلفزيون ، وعبر الإذاعات ، والتي كانت تتخذ نمطاً وعظياً عاماً ، ومناقشة أمور تهم عموم المسلمين دون إغراق في التفاصيل .

بالأمس اختط فضيلة الشيخ صالح آل طالب خطاً جديداً ، يلامس هموم المواطن البسيط ، ويناقش بعض تفاصيله المهملة ، ويسلط الضوء على حياته بعيدة عن اهتمام وسائل الإعلام المحلية ، ويعرّي أفراداً ومؤسسات تسيدت المشهد الإعلامي المحلي بنفوذها الإعلاني الذي تتوارى أمامه خجلاً سلطة رابعة لم تعد سلطة ، بل أصبحت منقادة لسلطة أقوى ، تحولت في يدها أداة تضليل ، وتلميع ، تحركها كيفا تشاء ، إنها سلطة "المعلن" .

وفي الوقت الذي بادر الشيخ آل طالب مبادرة لم يعهدها منبر الحرم الشريف ، واحتفى بها البسطاء والعامة ، تمثلت في انتقاده اللاذع للدور الاجتماعي المغيب للبنوك السعودية ، وانعدام مساهماتها في تنمية الاقتصاد الوطني ، وإمعانها في تكريس الطبقية بين أفراد المجتمع ، كنّا ننتظر من صحافتنا المحلية احتفاءً لائقاً ، بحجم هذا التحوّل الرائع الذي شهده منبر الحرم المكي الشريف .

ويقول مراقبون: "من المؤسف أن بعض الصحف المحلية نشرت اليوم السبت نص الخطبة ، واجتزأت منها المحور الذي تعرّض فيه الشيخ آل طالب بالنقد لبنوكنا المحلية ، التي تعتبر أكبر المعلنين بالصحف السعودية ، في سقوط ذريع للمهنية الإعلامية ، قبل أن يكون خيانة فاضحة لشرف المهنة ، وأمانة الكلمة التي تقتضي النقل الكامل بمصداقية كاملة ، بعيداً عن ممارسة الانتقائية ، لأهداف لم تعد تخفى على أحد ".

وأضافوا :" تعودنا أن يستأثر السيد المعلن بأي مساحة في صحفنا المحلية وفي أي وقت يشاء ، لكن أن تصل سطوته لهذا الحد الذي يجعل بعض صحفنا تمارس الاجتزاء المشوه لشعيرة دينية مقدسة ، من على أشرف منبر ، ومن أقدس مكان ، فهذا مالا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال ، وكان من الأجدر بهذه الصحف تجاهل الأمر برمته ، بدلاً ممارسة هذا التشويه" .